آخر تحديث :الجمعة 08 اغسطس 2025 - الساعة:00:59:16
تقرير خاص لـ "الأمناء": معركة كسر العظم بين الحكومة والبنك المركزي والصرافين... من المنتصر ومن الخاسر؟
(الأمناء / تقرير - د. سالم لعور :)

■ البنك المركزي يوقف 48 شركة صرافة ويفرض سيطرة صارمة

■ كيف ساهم الانتقالي في تعزيز موقف البنك والحكومة في المعركة الكبرى ؟

■ هل انتصر البنك المركزي... أم أن "تسونامي المضاربات" قادم؟

■ تحركات حاسمة تُغلق أبواب السوق السوداء وتُعيد الأمل للعملة اليمنية

■ مراقبون: الصرافون يسعون لإفشال الإصلاحات واستنزاف الاقتصاد

■ تقارير رسمية تكشف: مزادات الدولار لم تُستهلك... أين ذهب الفرق؟

■ القرار المنتظر: وقف التحويلات النفطية عبر شركات الصرافة

بن بريك يقود أم المعارك !!

 

في خضم الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، ووسط أعباء معيشية خانقة يرزح تحتها المواطن اليمني، يحتدم صراع شرس بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والبنك المركزي من جهة، وشبكات الصرافة والمضاربين بالعملة من جهة أخرى، فيما بات يُعرف إعلاميًا بـ"معركة كسر العظم" في ميدان الاقتصاد الوطني.

 

معركة مصيرية لإنقاذ العملة

 

هذه المواجهة لم تعد مجرد خلاف إداري أو مالي، بل تحوّلت إلى معركة وجودية تهدف إلى إنقاذ الريال اليمني من الانهيار وكبح جماح فوضى السوق المصرفية. وتدور رحى هذه المعركة بين مؤسسات رسمية تسعى لإصلاح اقتصادي جذري، وشركات صرافة تعمل كمظلة للسوق السوداء، تنفذ سياسات ممنهجة للمضاربة بالعملة ورفع أسعار الصرف بشكل وهمي لجني أرباح ضخمة.

لسنوات، شكّل انهيار الريال مقابل الدولار والريال السعودي علامة فارقة في معاناة اليمنيين. حيث باتت الأسواق تدار وفق أسعار صرف خيالية صنعتها مضاربات غير مشروعة قادتها شركات صرافة عملاقة، ضاربة بعرض الحائط كل محاولات البنك المركزي لضبط السوق.

 

فوضى السوق السوداء

 

يُتهم "هوامير الصرافة" بتغذية هذه الفوضى، عبر السوق السوداء وشبكات مالية تعمل خارج نطاق الرقابة. وقد أدت هذه الأنشطة إلى إضعاف أي تحرك حكومي أو مصرفي نحو الإصلاح، في وقت يُنظر فيه إلى هذه الشركات كمصدر رئيسي لعدم الاستقرار المالي، لكونها تتلاعب بأسعار الصرف لصالحها دون اعتبارات اقتصادية أو اجتماعية.

خلال الأشهر الماضية، شهدت أسعار صرف العملات الأجنبية انخفاضًا كبيرًا في العاصمة عدن والمحافظات المحررة، حيث هبط الدولار من نحو 2800 ريال إلى أقل من 1630 ريالًا، بينما تراجع الريال السعودي من 780 إلى نحو 425 ريالًا. ويرى مراقبون أن هذا التراجع لم يكن بفعل السوق وحده، بل نتيجة سلسلة قرارات حاسمة اتخذها البنك المركزي.

 

إجراءات البنك المركزي... كسر قبضة السوق السوداء

 

الصحفي مصطفى القطيبي يرى أن هذا التحسن جاء نتيجة مباشرة لإجراءات اتخذها البنك المركزي، أبرزها نقل البنوك من مناطق سيطرة الحوثيين، وسحب مفاتيح التحكم بالودائع، وفرض الربط الشبكي الكامل على البنوك وشركات الصرافة لمراقبة عمليات البيع والشراء ومنع التلاعب.

وكشفت هذه الخطوات عن امتناع عشرات شركات الصرافة عن الالتزام بالربط الشبكي، ما أكد ضلوعها في المضاربة بسعر الصرف. وبحسب تقارير رسمية، تم رفع ملفات هذه الشركات للحكومة والجهات الدولية، وعلى إثرها حظي البنك بدعم مباشر من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهو دعم أفضى إلى إعادة تفعيل قرارات مصرفية كانت معلّقة منذ عامين، ومن ضمنها تعليق التحويلات لمناطق الحوثيين، واستثناء الحالات الإنسانية فقط.

 

قرارات صارمة وإغلاق شركات صرافة

 

في 3 أغسطس 2025، أعلن البنك المركزي إيقاف تراخيص 48 شركة ومنشأة صرافة مخالفة، كما أصدر تعميمًا جديدًا يضع سقفًا للحوالات الشخصية الخارجية عند 2000 دولار، مع إلزام الصرافين بالتحقق من الوثائق الرسمية. هذه الإجراءات كانت تهدف إلى كبح التلاعب ومنع تجزئة العمليات للتحايل على القوانين.

ويشير مراقبون إلى أن الارتفاعات السابقة بأسعار الصرف لم تكن مبنية على طلب حقيقي، بل وهمية. فعلى سبيل المثال، رغم طرح البنك لمبالغ تصل إلى 50 مليون دولار في مزادات العملة، لم يُشترَ منها سوى 12 مليونًا، ما يكشف حجم المضاربة والاحتكار في السوق.

 

الانتقالي الجنوبي... لاعب رئيسي في الإصلاح

 

من جهته، يرى الصحفي الجنوبي عادل العبيدي أن هذه الإصلاحات لم تكن لتنجح لولا الدعم السياسي الإقليمي والدولي الذي يحظى به المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي، والذي لعب دورًا محوريًا في الدفع نحو الإصلاح الاقتصادي، وقلب الطاولة على القوى اليمنية داخل الشرعية التي كانت تعرقل أي تقدم.

وأوضح العبيدي أن المجلس الانتقالي استطاع تغيير المعادلة السياسية والاقتصادية، من خلال إعادة تشغيل مصافي عدن، والدفع نحو تصدير النفط، ومحاربة الفساد في المؤسسات الرسمية، وهو ما انعكس إيجابًا على الاقتصاد المحلي وساهم في تعافي الريال.

 

قرار منع التحويلات النفطية عبر الصرافة

 

بدوره، أشاد الصحفي محمد هشام باشراحيل بقرار البنك منع شركات الصرافة من تنفيذ تحويلات لشراء المشتقات النفطية، وقصرها على البنوك التجارية المعتمدة، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل تحوّلًا جذريًا في ضبط السوق وتضييق الخناق على مصادر المضاربة المالية.

 

مضاربات جديدة تهدد الاستقرار

 

رغم الجهود المبذولة، تحاول شبكات المضاربة إعادة تنظيم نفسها عبر استخدام وسطاء يعملون خارج مراكز الصرافة، يشترون العملات الأجنبية بأسعار تفوق السعر الرسمي. وتحذر تقارير اقتصادية من أن استمرار هذه الأنشطة سيعيد السوق إلى دوامة الفوضى ويفشل جهود الإصلاح.

 

دور الأجهزة الأمنية في حماية العملة

 

وهنا، تبرز الحاجة لتدخل الأجهزة الأمنية، من خلال تتبع وملاحقة المتلاعبين بأسعار الصرف والوسطاء الذين ينشطون في الأسواق والمحال التجارية، بهدف فرض هيبة الدولة وقطع الطريق أمام عودة السوق السوداء.

المعركة الفاصلة

المعركة الجارية ليست مجرد خلاف بين مؤسسات مالية ومضاربين، بل صراع بين مشروعين؛ أحدهما يسعى لإصلاح الاقتصاد، والآخر يصر على إبقائه في دوامة الانهيار. وبفضل إجراءات البنك المركزي ودعم المجلس الانتقالي، شهد الريال تحسنًا ملحوظًا. لكن استمرار النجاح مرهون بإرادة سياسية قوية، وأدوات رقابية فاعلة، وتعاون أمني حازم لضمان القضاء على تسونامي المضاربات، واستعادة الاستقرار المالي في البلاد.


#

شارك برأيك