آخر تحديث :الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 - الساعة:17:34:28
زيارة وفد عدن إلى شنغهاي: محطة مفصلية في تاريخ مدينة عدن الاقتصادي 
(كتب أحمد حسين السليماني )

 

لم تكن زيارة وفد العاصمة المؤقتة عدن إلى مقاطعة شنغهاي، بحضور كبار مسؤولي الدولة، صدفة أو بداية لعلاقات جديدة، بل جاءت امتدادًا لمسار طويل بدأ منذ أكثر من ثلاثين عامًا بتوقيع اتفاقية التوأمة بين المدينتين. ومن هذا المنطلق، أدركت قيادة السلطة المحلية في العاصمة عدن، ممثلة بمعالي وزير الدولة محافظ العاصمة عدن الأستاذ أحمد حامد لملس، أهمية هذه التوأمة وضرورة تفعيلها وفتح آفاق جديدة من الفرص في مختلف القطاعات. وعليه، مثّلت الزيارة خطوة تاريخية مفصلية تضاف إلى جهود السلطة المحلية لإعادة الروح إلى مدينة عدن الواعده 

تجلت جهود وزارة الصناعة والتجارة اليمنية بوضوح عندما وقّعت اليمن رسميًا، في 25 أبريل 2019 بالعاصمة الصينية بكين، مذكرة تفاهم للانضمام إلى مبادرة "الحزام والطريق". ومنذ ذلك التاريخ، تكثفت اللقاءات والزيارات بين الجانبين، تأكيدًا على الرغبة المشتركة في إحياء "طريق الحرير البحري" التاريخي الذي يمر عبر السواحل اليمنية الاستراتيجية. وجاءت مشاركة وفد الوزارة مؤخرًا في "المنتدى الصيني–العربي العاشر" لتؤكد هذا التوجه وتعكس المكانة التي توليها القيادة الصينية لليمن، خصوصًا مع اقتراب الذكرى السبعين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وفي هذا السياق أصبحت عدن المحور الأساسي للشراكة اليمنية–الصينية.

إن الذكرى الثلاثين لاتفاقية التوأمة بين عدن وشنغهاي لم تكن مجرد حدث بروتوكولي، بل محطة اقتصادية بامتياز. فقد كانت عدن أول مدينة عربية توقع توأمة مع شنغهاي، إدراكًا منها لمكانة عدن التجارية الاستراتيجية. ومن جانبها، حرصت شنغهاي على ترسيخ التعاون الاستراتيجي عبر تبادل الخبرات وتأهيل الكوادر في عدن، بما يواكب متطلبات التنمية الحديثة. ويأتي التوجه الحالي نحو تأسيس مجلس اقتصادي مشترك بين المدينتين تتويجًا لهذه المسيرة.
فشنغهاي اليوم مركز مالي وتجاري عالمي بخبرة واسعة في إدارة الموانئ والبنية التحتية الذكية، فيما تمثل عدن البوابة الاستراتيجية للتجارة الإقليمية بمينائها الحيوي. وقد أكد الطرفان خلال مراسم الاحتفاء بالذكرى الثلاثين للتوأمة على تفعيل بنودها، وإطلاق مشاريع مشتركة في مجالات الطاقة، الصناعة، والخدمات اللوجستية، بما يخدم التنمية المستدامة ويحقق المصالح المشتركة

ومن أبرز القرارات الاستراتيجية الأخيرة، إعلان بكين في أبريل 2025 إعفاء المنتجات اليمنية من الرسوم الجمركية، في خطوة تعد فرصة تاريخية لتعزيز الصادرات اليمنية نحو السوق الصينية. يشمل الإعفاء شريحة واسعة من المنتجات، خصوصًا الأسماك، البن، العسل، والمنتجات الزراعية والحرفية. ويفتح هذا القرار المجال أمام عدن لتعزيز صادراتها، وجذب الاستثمارات الصينية في مشاريع البنية التحتية والطاقة، وتطوير الصناعات التحويلية، بما يسهم في خلق فرص عمل وزيادة الإيرادات المحلية، إلى جانب الاستفادة من خبرة شنغهاي في مجالات التخطيط الحضري وإدارة الموانئ.

لقد حبا الله مدينة عدن موقعًا جغرافيًا ومقومات طبيعية تجعلها في مصاف المدن الاقتصادية العالمية. فقد كانت لعقود مضت رقمًا صعبًا في المعادلة التجارية الإقليمية والعالمية، واليوم تتطلب المرحلة وقفة جادة من أعلى المستويات في الدولة لدعم جهود السلطة المحلية بقيادة معالي الوزير أحمد حامد لملس. وذلك عبر توفير الدعم الفني والتشريعي اللازم، وإتاحة الفرصة أمام عدن لبناء شراكات اقتصادية بعيدًا عن القيود التي أعاقت مستقبلها.
إن زيارة الوفد إلى شنغهاي عكست طموح قيادة العاصمة لتجاوز إرث الصراعات والانطلاق نحو بناء مستقبل اقتصادي عالمي مزدهر، لتصبح عدن مجددًا مركزًا حيويًا للتجارة الدولية كما عهدناه في السابق


#
#
#
#
#
#

شارك برأيك