آخر تحديث :الجمعة 11 يوليو 2025 - الساعة:23:38:00
التشهير.. سم رقمي في ثوب رأي
(الأمناء نت / كتب / بسمة نصر)

لم تعد السمعة تمحى بالنسيان. في زمن الرقمنة، أصبحت الكلمة الخاطئة أقسى من السكين، والتشهير ليس مجرد انفعال عابر على منصة، بل فعل متعمد له آثار مدمرة قد لا تصلحها السنوات.

التشهير هو الوجه القبيح للكلام حين يستخدم لتلويث السمعة لا لمواجهة الخطأ، وهو جريمة مكتملة الأركان، حتى لو ارتكبت تحت راية "حرية التعبير".


---

ما التشهير؟

التشهير، ببساطة، هو نشر معلومات أو اتهامات تسيء إلى شخص أو جهة، سواء كانت كاذبة أو مجتزأة من سياقها، مع تعمد الإضرار. لا يهم إن كان ذلك عبر منشور، تغريدة، تسجيل صوتي أو حتى صورة مشوشة، فطالما نشرت علنا ونالت من الكرامة، دخلنا في دائرة التشهير.

الخطير أن بعض الأفراد لا يميزون بين النقد المشروع والتشهير الخبيث. النقد يبنى على أدلة وينشد الإصلاح، بينما التشهير يبنى على نية الإسقاط والتشهير، وقد يستخدم كسلاح انتقامي أو أداة ضغط.


---

حرية التعبير ليست حصانة


من أكثر الأخطاء شيوعا استخدام حرية التعبير كذريعة للتشهير. نعم، من حقك أن تعبر، ولكن ليس من حقك أن تجرح أو تفضح أو تلقي اتهامات دون سند قانوني أو مبرر أخلاقي.

الرأي لا يعفي من المسؤولية، ومواقع التواصل ليست ساحات محاكم. فالحقيقة لا تنتزع من تريند، ولا من هجوم إلكتروني جماعي.


---

ضحايا في كل مكان


ضحايا التشهير ليسوا فقط من المشاهير أو السياسيين، بل كثيرون ممن نعرفهم عن قرب. -موظف فقد عمله بسبب إشاعة - طالبة انهارت حياتها بسبب تسريب خاص. رب أسرة فقد احترام مجتمعه نتيجة معلومة مغلوطة. شركة تعرضت لانهيار سمعتها بسبب فيديو مفبرك.

الأثر لا يختفي بعد حذف المنشور، لأن الإنترنت لا ينسى. جوجل يحتفظ، والمنصات تخزن، والجمهور لا يغفر بسهولة.


---

من يشارك، يشارك في الجريمة

ليس من الضروري أن تكون صاحب المنشور لتكون متورطا. إعادة النشر، التفاعل، أو حتى التعليق التحريضي يجعل منك جزءا من سلسلة الأذى.
في القانون، المشاركة في نشر مادة تشهيرية تعد جريمة بحد ذاتها. وفي الأخلاق، الصمت أرحم من التصفيق للتنمر.


---

ماذا يقول القانون؟

في عدد من الدول العربية، ومنها مصر والسعودية والإمارات، يصنف التشهير الإلكتروني كجريمة يعاقب عليها القانون.
العقوبات تتراوح بين الغرامات المالية، والسجن لعدة سنوات، خاصة إذا اقترن التشهير بابتزاز أو تهديد أو مساس بالحياة الخاصة.

لكن الأهم من العقوبة هو الوقاية. القانون لا يستطيع أن يوقف كل منشور، لكن الضمير يستطيع أن يمنعنا من كتابته.


---

ختاما: كن إنسانا قبل أن تكون مؤثرا

في عالم يحكم عليه "التريند"، ابق إنسانا. لا تكتب وأنت غاضب. لا تنشر وأنت غير متأكد. لا تروج لأذى شخصي، حتى لو كان خصمك.
لأن التشهير ليس رأيا.. بل اغتيال صامت، قد لا يسمع صراخه، لكنه يقتل بالبطء.


تشيلسي مباشر

شارك برأيك