آخر تحديث :الاحد 19 مايو 2024 - الساعة:00:28:33
صحيفة بريطانية : إعلان عدن التاريخي مثل بعدا استثنائيا فرضته التطورات في اليمن
(الامناء/العرب:)

اتّخذ إحياء الذكرى السنوية السابعة لإعلان عدن الذي أسّس لتشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي كرافعة أساسية لمشروع استعادة دولة الجنوب المستقلّة، والذي يصفه أنصار هذا المشروع بالإعلان التاريخي، بعدا استثنائيا هذا العام فرضته التطورات  في اليمن، وخصوصا ما يجري من حراك لإطلاق مسار سياسي لإنهاء الصراع الدائر هناك سلميا.

ورغم الحديث عن تسجيل تقدّم طفيف في ذلك الحراك إلّا أن نوعا من الغموض ظل يكتنف مشروع السلام في اليمن في ظل ندرة التفاصيل بشأن طريقة التعاطي مع قضايا جوهرية في مقدّمها قضية الجنوب، وهو الأمر الذي جرّ ضغوطا على المجلس الانتقالي الجنوبي حتى من قبل أنصاره ومن يشاركونه الدفاع عن مشروع استعادة الدولة والمطالبين بتوضيح صورة وموقع قضيتهم الأم في مسار السلام وعلى خارطة الطريق التي أعلن قبل أشهر عن التوصّل إليها، فضلا عن مطالبتهم للمجلس بتوضيح طبيعة علاقاته بالسلطة الشرعية اليمنية باعتبار رئيسه عيدروس الزبيدي عضوا في مؤسستها القيادية المتمثلة في مجلس القيادة الرئاسي.

وعلى هذه الخلفية مثّل تجديد التمسّك باستعادة دولة الجنوب ورفض أي ممطالة أو تسويف بشأنها العنصر الأبرز في خطاب الانتقالي الجنوبي في ذكرى إعلان الرابع من مايو 2017.

وارتفعت السبت في عدن رايات الاستقلال على صدى هتافات الآلاف من المنادين بتقرير مصير الجنوب، فيما اعتبر رئيس المجلس الانتقالي أن الوضع في اليمن لم يعد يحتمل نهج التجريب والتقسيط والتأجيل والترحيل وسلق الحلول والتسويات، بل يستوجب عملية سياسية شاملة غير مشروطة وواضحة البدايات والمسارات والتوجهات والمضامين، لا تقوّي طرفا على آخر ولا تنتزع حق أحد أو تحدد سقوف الحل مسبقا.

وأثنى الزبيدي في كلمته على شعب الجنوب وخاطبه بالقول “أعبر عن اعتزازي وفخري بكم وبصمودكم ونضالكم والتفافكم الأسطوري حول قضيتكم وتفانيكم في الدفاع عن حقكم الشرعي، وسعيكم الدؤوب لإنفاذ إرادتكم في سبيل تحقيق الهدف المنشود المتمثل في استعادة وبناء دولتنا الجنوبية الفيدرالية الحرة المستقلة”، تاريخ إعلان عدن التاريخي بـ”اللحظة التاريخية التي شكّلت تحولاّ محوريا في مسار نضالات شعبنا نحو بلوغ هدفه الأسمى، الذي دفع في سبيل إنجازه الآلاف من خيرة أبنائه”.

وكان الإعلان قد صدر في التاريخ المذكور إثر فعاليات شعبية ومظاهرات وصفت بالمليونية بـ”أن قضية شعب الجنوب العربي قضية عادلة وتمتلك المشروعية القانونية والسياسية ومعترف بها عربيا ودوليا وإقليميا” كما حمل الإعلان خطوات تنفيذية على رأسها تفويض عيدروس قاسم الزُبيدي بإعلان قيادة سياسية وطنية برئاسته لإدارة وتمثيل الجنوب، وتتولى هذه القيادة تمثيل وقيادة الجنوب لتحقيق أهدافه وتطلعاته، والتأكيد على أن الجنوب كوطن وهوية في حاضره ومستقبله لكل أبنائه وبكل أبنائه وإن جنوب ما بعد 4 مايو 2017 ليس كجنوب ما قبل هذا التاريخ على قاعدة التوافق والشراكة الوطنية الجنوبية.

وجاء ذلك وفق ما ورد في الإعلان استنادا إلى “أهمية وجود الأداة السياسية لحماية القضية الجنوبية ومشروعها السياسي وتحقيق تطلعات شعب الجنوب للسيادة على أرضه وقيام دولته الوطنية الفيدرالية الديمقراطية الحرة”.

وقال الزبيدي في كلمته بالمناسبة إن إعلان عدن التاريخي جاء “في سياق أحداث ثورة شعب الجنوب التحررية منذ صيف 1994 ليمثل تجسيدا نضاليا عن استحقاق تاريخي تأخر وتعثر كثيرا طوال السنوات السابقة من عمر الثورة، بفعل فاعل مستبد بالجنوب، وجّه كل أدوات ووسائل طغيانه وفساده، لتمزيق اللحمة الوطنية لشعبنا وإفشال ثورته ووأد مشروعه التحرري الوطني في مهده”، مردفا أنّنا “جميعا نتذكر تلك المخططات الممنهجة التي دأب عليها نظام صنعاء منذ 1994، لإخراج قضية شعب الجنوب من دائرة اهتمام المبادرات التي ترعاها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى هامشها، وفي مثل هذا اليوم أتى إعلان الرابع من مايو 2017 ليشكل تتويجا لجهود عظيمة متراكمة بذلت في سياق إنجاز استحقاق وحدة الكيان السياسي الحامل لقضية شعب الجنوب والمعبّر عن أهداف ثورته”.


وتابع رئيس المجلس الانتقالي القول في كلمته “إن احتفالنا بهذه المناسبة الفارقة في مسيرة ثورة شعبنا التحررية، يأتي في سياق ترسيخ الشعور الوطني لدى الأجيال بأهمية هذا الاستحقاق الوطني الذي جاء كنتاج لجهد وطني جماعي تراكمي، بني على أساسه المجلس الانتقالي الجنوبي، ككيان قيادي وطني انتقالي للجنوب بحدوده الدولية المعروفة حتى 21 من مايو 1990 وحامل ومعبر عن قضيته الوطنية وثورته الشعبية التحررية بمساريها السلمي والمقاوم”.

وأضاف الزبيدي في كلمته أن “شعبنا في الجنوب الذي تحمّل سياسات التسويف والتأجيل والمماطلة زمنا طويلا قد نفد صبره، ولم يعد بوسعه التعاطي مع أي مبادرات لا تضع قضيته في طليعة جهود السلام، وإن التزام شعب الجنوب بنهج التفاوض كأساس لحل قضيته، لا يغفل جاهزيته لأي خيارات أخرى، إن لزم الأمر”، داعيا تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية إلى تأمين ما تحقق من انتصارات بفضل “تضحيات أبطال الجنوب والسعودية والإمارات والبحرين والسودان”، مشددا على أنّه “رغم ذلك فإن التهديدات المحيطة بنا وبكم، تستوجب تأمين ذلك النصر لصنّاعه الصادقين، وتجنب ربطه برهانات خاسرة”.

وبحسب إعلان عدن، فإنّ “الحقائق الواقعة على الأرض أثبتت عمق متانة الشراكة بين المقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي وقوات التحالف العربي.. ممهورة بالدم المشترك والتضحيات المستمرة وصولا إلى الارتقاء بهذه الشراكة الإستراتيجية لإنجاز الأهداف المشتركة للتحالف العربي لصد خطر المد الإيراني التوسعي، ومكافحة الإرهاب وضمان أمن واستقرار المنطقة واستعادة شعب الجنوب لسيادته على أرضه كعامل حاسم لأمن المنطقة، وكذلك فإن هذا الحشد المليوني يؤكد مجددا للمجتمع الدولي والعربي والعالمي وكل المنظمات الحقوقية والإنسانية التزامه التام بالقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي نفس الوقت يجدد مناشدته المجتمع الدولي مساعدة شعب الجنوب وتخفيف معاناته بتحقيق تطلعاته القانونية المشروعة”.

وفي الحادي عشر من مايو 2017 تم الإعلان عن تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تضم هيئته الرئاسية غالبية محافظي محافظات جنوب اليمن وهي المحافظات التي كانت تمثل جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقا، بالإضافة إلى وزراء ووكلاء المحافظات.

وقبل ذلك، دعا الزبيدي محافظ العاصمة المؤقتة عدن آنذاك في مؤتمر صحفي يوم العاشر من سبتمبر 2016 كافة القوى السياسية والاجتماعية الجنوبية إلى العمل على إنشاء كيان سياسي جنوبي يوازي القوى السياسية في شمال اليمن، بحيث يكون هذا الكيان الناشئ الممثل لتطلعات الجنوبيين في أي استحقاقات سياسية من أجل الحل السياسي في اليمن.

ويرى نائب رئيس هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك أن “استقلال الجنوب وحصوله على عضوية كاملة في المنظمات الدولية، أمر لا عدول عنه”، معتبرا أنّ “قضية استقلال الجنوب وقيام دولته الفيدرالية الجديدة وعودته للمجتمع الدولي عضوا في كل المنظمات الدولية قضية مصيرية للشعب الجنوبي”، إذ “لا رجوع عن ذلك ولا حلّ نهائيا لمشاكل اليمن إلا بذلك”.

ويعتبر المدافعون عن مشروع استعادة دولة الجنوب أن أي حل سياسي لأزمة اليمن لا يتضمن حق تقرير المصير للجنوبيين سيكون عقيما وغير صالح للتطبيق على أرض الواقع، لاسيما في ظل اندثار مشروع الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية وتشكل ملامح دولة دينية على يد الحوثيين.



شارك برأيك