آخر تحديث :السبت 04 مايو 2024 - الساعة:01:00:12
وزير الشؤون الاجتماعية د.محمد الزعوري يكشف أسرار مهمة في حوار مع "الأمناء": صنعاء مازالت متحكمة بأنشطة المنظمات الدولية
(الأمناء نت /خاص)

وزير الشؤون الاجتماعية د.محمد الزعوري يكشف أسرار مهمة في حوار مع "الأمناء":

صنعاء مازالت متحكمة بأنشطة المنظمات الدولية

عملية توزيع "الحوالات النقدية الطارئة" غير عادلة وهذه هي الأسباب

ورثنا تركة ثقيلة ونسعى لتصحيح بعض المفاهيم الملتبسة

الجنوبيون يدفعون ثمنا باهضا منذ حرب الاجتياح الأولى 

 

 

أكد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومة المناصفة بين الجنوب والشمال د. محمد الزعوري أن الجنوبيون يدفعون ثمن باهض منذ حرب الاجتياح الأولى في عام 1994م، مشيرًا إلى أن ثروات الجنوبيين نهبت وصودرت حقوقهم وسرحوا من وظائفهم ومورست عليهم سياسة التجويع والافقار المنظم.

وأشار إلى أن الجنوب يمر بأزمات مركبة نتاج لسياسة عقاب جماعي لقوى الهيمنة والنفوذ، منوهًا بأن قوى الهيمنة تظن إنها ستنال من تضحيات وصمود شعب الجنوب.

وقال أن: "المنظمات الأممية والدولية مازالت تمارس نشاطها من صنعاء"، مؤكدًا أن: "مئات الملايين من الدولارات الخاصة بمشروع الحوالات النقدية تمر عبر صنعاء"، مشيرًا إلى أن: "صنعاء مازالت متحكمة بأنشطة المنظمات وتدير المال والمساعدات لخدمة مشروع الحوثي".

وأضاف: "المحافظات المحررة أصبحت سوق مفتوح للمتاجرة بالعملة والبضائع القادمة، والأزمات ستستمر إذا لم تغير الحكومة ومركزي عدن السياسة النقدية واتخاذ اجراءات صارمة".

وتابع: "ورثنا تركة ثقيلة خلفتها الانظمة والحكومات المتعاقبة ونسعى لتصحيح بعض المفاهيم الملتبسة، واعلنا رفضنا من بقاء الوضع هكذا دون أي تدخل حكومي".

ونوه بأن تدهور حال المواطن ازداد مع استمرار الحرب وسيطرة الحوثي على المؤسسات، واضعًا أسباب تدهور سعر الصرف في محافظات الجنوب وتعزيز قيمته بمناطق الحوثي".

وتأسف من استمرار صرف "مشروع الحوالات النقدية" من صنعاء عبر بنوك تجارية، مؤكدًا أن: "عملية توزيع "الحوالات النقدية الطارئة" غير عادلة وهذه الأسباب".

وأكد أن: "سيطرة مليشيا الحوثي على المؤسسات سبب بانكماش حاد للاقتصاد"، مطالبًا المنظمات الأممية والدولية لممارسة أنشطتها بالعاصمة عدن.

كل ذلك وأكثر تجدونه في الحوار الهام والمطول الذي اجرته "الأمناء" مع وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة المناصفة د.محمد الزعوري.. فإلى نص الحوار:

 

"الأمناء" حاوره/ رياض شرف - منير مصطفى:

 

*مشروع الحوالات النقدية الطارئة وتحويلها الى الصندوق الاجتماعي وتهميش صندوق الرعاية.. كيف تنظرون الى ذلك؟

-اولا اهلا وسهلا بكم، ونشكر لكم حضوركم لإجراء هذا اللقاء، ونعبر عن تقديرنا الكبير لمنبركم الاعلامي المتميز صحيفة "الأمناء" والذي وجدنا فيها روح العمل الصحفي المتمكن الجدير بالاحترام والمتابعة.

وبالنسبة لسؤالكم حول برنامج الحوالات النقدية الطارئة والممول من قبل البنك الدولي والمنفذ حاليا بواسطة منظمة اليونيسف باليمن، وذلك بعد توقف صندوق الرعاية الاجتماعية بسبب الحرب، حيث تقوم منظمة اليونيسيف بصرف حوالات نقدية غير مشروطة للأسر الأكثر هشاشة لتمكينها من تلبية احتياجاتها الحياتية – وهو البرنامج الوطني الرائد في توفير الحماية الاجتماعية لحوالي 1,5 مليون حالة مستفيدة من خلال حوالات نقدية ربع سنوية غير مشروطة. وقد ازداد تدهور حال هذه الأسر مع استمرار الحرب وسيطرة المليشيا الحوثية على المؤسسات، والذي تسبب بانكماش حاد للاقتصاد بسبب الأزمة المالية والاقتصادية وتناقص السيولة النقدية.

يستهدف مشروع الحوالات النقدية الطارئة، والذي تنفذه اليونيسف منذ أغسطس/آب 2017م، الحالات المستفيدة المقيدة لدى صندوق الرعاية الاجتماعية والبالغة 1,5 مليون حالة، والتي تؤثر إجمالا على 9 ملايين نسمة.. هذه الحوالات للأسف مازالت تصرف من صنعاء وعبر البنوك التجارية التي تدير انشطتها المالية تحت إشراف سلطة المليشيا الحوثية، وترسل الى بقية المحافظات ومنها محافظات الجنوب والمحافظات التي تديرها الحكومة، وهذا ما يجعل عملية التوزيع غير عادلة بالنظر الى الانقسام النقدي للعملة المحلية، بحيث كانت تصرف هذه الحوالات عبر بنك الأمل والكريمي، والتي تخضع للسياسة النقدية للبنك المركزي في صنعاء، ففي المحافظات المحررة تتم المصارفة للدولار بسعر الصرف في صنعاء، مما يتسبب بضياع ثلثي المبلغ نتيجة لفارق الصرف.. علاوة على الاسهام بتدهور سعر الصرف للريال في محافظات الجنوب وتعزيز قيمته في مناطق سيطرة الحوثي.

 

*كيف تعاملتم مع هذا الوضع معالي الوزير؟

-لم نقبل هذا الواقع الملتبس وتوجهنا بعدة مخاطبات لوزارة التخطيط ورئاسة الوزراء، وناقشنا الأمر في اجتماعات مجلس الوزراء، واعلنا موقفنا إن بقاء الوضع دون أي تدخل حكومي يضعنا أمام مسؤولية وطنية وأخلاقية تجاه مواطنينا، ومازلنا عند موقفنا الرافض لهذا الحال المقلوب، وطالبنا المنظمة بإعادة النظر في المشروع وطريقة ادارته، وتمكنا اخيرا في الدورة الحادية عشرة من إلزامهم بدفع المبالغ بسعر المكان والزمان، ومازلنا نطالب عبر الاطر الرسمية على ضرورة نقل المشروع الى عدن وايداع المبالغ النقدية في البنوك التجارية المعتمدة من قبل البنك المركزي عدن، والوفاء بالالتزامات لتأهيل صندوق الرعاية الاجتماعية في عدن لكي يقوم بمهمته القانونية لإدارة المشروع.. وهذه المطالب عززها معالي الدكتور واعد باذيب وزير التخطيط والتعاون الدولي خلال لقاءه مع ممثل منظمة اليونيسيف باليمن لبحث برنامج الحوالات النقدية الطارئة.

*نسمع عن دعوات متكررة ولا نلمس تنفيذا في الواقع؟

-تعدد المسؤوليات والصلاحيات جعلتنا وكأننا نصارع طواحين الهواء، ولم نجد حتى الآن ترجمة حقيقية للتوجهات الحكومية تتفق مع البرنامج الحكومي، ومازلنا نواجه واقع متشابك ومتداخل لا يساعد على تحقيق الغايات المثلى للخروج من دهاليز تبعية وتأثير القوى المتحكمة بالمشهد العام، من يمسك بخيوط اللعبة هو من يقرر متى تبدأ وكيف تنتهي.. ويحدد التفاصيل والقوانين التي تسير عليها.

حيث مازالت المنظمات الأممية والدولية تمارس نشاطها من صنعاء، وتورد التمويلات النقدية إليها بالعملة الاجنبية عبر البنوك المتواجدة في صنعاء، وكل البرامج والانشطة المعتمدة تأتي من صنعاء، بما يعني ان صنعاء مازالت هي المتحكمة بأنشطة المنظمات وتدير المال والمساعدات بما يخدم مشروع سلطتها الحوثية الارهابية.

 

*ماذا عن صندوق الرعاية الاجتماعية؟

-منذ انتقال صندوق الرعاية الاجتماعية الى عدن وبسبب عدم قدرته حينها على تنفيذ المشروع بسبب الحرب تم نقل المشروع لمنظمة اليونيسيف، ومازالت المنظمة تقوم بالمهمة حتى اليوم، ومنذ ذلك الحين ترك صندوق الرعاية في عدن كطرف ثانوي لتيسير توزيع الحوالات للمستفيدين، ولولا الدور الوطني لقيادته وطاقمه الوظيفي بمختلف مستوياتهم سواء في المركز الرئيس او على مستوى المحافظات لما بقي صامدا في وجه التهميش المتعمد الذي مورس عليه وهو المخول قانونا بموجب نص قانون الرعاية الاجتماعية رقم (39) لسنة 2008م ولائحته التنفيذية وما زالت المحاولات جارية لنقل مهامه الى الصندوق الاجتماعي للتنمية والذي مازال مركزه الرئيس في صنعاء.

 

*كيف أثرت التحويلات النقدية الطارئة المحولة عبر بنوك صنعاء على العاصمة عدن؟

-لا شك إن مئات الملايين من الدولارات الخاصة بمشروع الحوالات النقدية تمر عبر صنعاء، ولك أن تتصور حجم الفائدة التي تجنيها سلطة الحوثي لتعزيز سعر الصرف لديهم، وبالمقابل حجم الضرر الذي يصيب سعر الصرف في المحافظات المحررة، لهذا طالبنا ومازلنا نطالب بالتنسيق مع البنك الدولي لتحويل المبالغ المالية الخاصة بالمشروع الى عدن، بما يضمن اشراف البنك المركزي - عدن وهي واحدة من السياسات النقدية التي يجب اتباعها لتقوية موقف الحكومة في معركتها الاقتصادية مع المليشيات.

 

*ما علاقة الوزارة ببرنامج الغذاء العالمي؟

-برنامج الغذاء العالمي يدير اكبر المشاريع الانسانية باليمن، وبحسب موقع البرنامج يشير الى انه في عام 2021، استهدف برنامج الأغذية العالمي تزويد ما يقرب من 13 مليون شخص بالمساعدات الغذائية في صورة حصص عينية من الدقيق والبقول والزيت والسكر والملح، أو قسائم شرائية أو مساعدات نقدية لشراء نفس الكمية من الغذاء، كما قدم البرنامج دعماً تغذوياً لحوالي 3.3 مليون شخص من النساء الحوامل والمرضعات والأطفال دون سن الخامسة، علاوة على دعم سبل العيش، والتغذية المدرسية.. كل هذه البرامج تنفذ منذ سنوات بعيدا عن اشراف الاجهزة الرسمية في عدن، وبالتنسيق المباشر مع شبكة جمعيات ومؤسسات بعينها، وهو الأمر الذي سهل لهذه المؤسسات الرفع بكشوفات غير عادلة، وتسببوا بحرمان مئات الألاف من الفقراء من حصولهم لهذه المساعدات، وهناك شكاوى كثيرة بهذا الخصوص، ولذلك بدأنا التنسيق مع وزارة التخطيط والبرنامج للعمل بالشراكة مع وزارة الشؤون الاجتماعية لتنفيذ توزيع المساعدات الانسانية على المستهدفين.

 

*كيف تقيمون هذه الشراكات التي تبرمها المنظمات الأممية والدولية مع مؤسسات المجتمع المدني المحلية؟

-للأسف الشديد هناك ازدواجية في منظومة العمل الرسمي، وخاصة فيما يتعلق بالمهام والأدوار المناطة بكل طرف وفقا للصلاحيات القانونية لكل جهة، هذه الازدواجية تكونت لدى الحكومات المتعاقبة منذ عقود، والتي أدارت العمل الإنساني والاغاثي من منظور حزبي، وهو الأمر الذي دفع بعدد من الجمعيات والمؤسسات الحزبية لتولي مهمة اعداد قوائم المستفيدين ومن ثم الاشراف على عمليات التنفيذ، وأصبحت هذه المؤسسات هي المتحكمة بالعمل الانساني منذ عقود، وتعزز هذا النهج أكثر فأكثر أثناء الحرب وحتى اليوم عزز ذلك غياب المؤسسات الحكومية وانتشار الفساد الاداري والمالي، وتقييمنا للوضع مع استمرار بقاء المكاتب الرئيسة للمنظمات الأممية والدولية في صنعاء هو اننا أمام تحد كبير، ويضع مصداقية حكومة المناصفة بمختلف مكوناتها امام محك ومسؤولية قانونية وأخلاقية تحتم علينا الوفاء بها، وذلك من خلال إلزام كافة المنظمات للانتقال الى العاصمة عدن، لتمارس أنشطتها تحت إشراف المؤسسات الحكومية المعترف بها دوليا.

وفيما يتعلق بالأنشطة التي نفذت وتنفذ لم تخضع لأي إشراف او رقابة حقيقية من قبل السلطات الحكومية في عدن إلا في اطار محدود جدا لابتعاد البرتوكولات واللقاءات وتوقيع الاتفاقيات، ويمكنكم توجيه السؤال لوزارة التخطيط والتعاون الدولي في عدن ستجدون معلومات أوفى بما يتعلق ببرنامج الغذاء العالمي، ومدى التنسيق فيما بينهم حول تمويل المشاريع والانشطة المنفذة ومدى اطلاعها على التقارير المالية والادارية.

 

*ما مدى علاقة الوزارة بوزارة التخطيط والتعاون الدولي؟

-وزارة التخطيط ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وجهان لعملة واحدة، وكل منهما يكمل الآخر، والعلاقة بينهما تحددها الانظمة والقوانين النافذة.. علما إننا ورثنا تركة ثقيلة خلفتها الانظمة والحكومات المتعاقبة، ونحن اليوم نعمل سويا لتصحيح بعض المفاهيم الملتبسة، ونحاول تفكيكها بما يحقق التناغم والانسجام في تنفيذ المهام الرسمية وتحقيق الشروط المنطقية للإجراءات القانونية وبما يخدم المصلحة العامة.

وهناك تنسيق عالي المستوى مع معالي الدكتور واعد باذيب، ونعمل سويا لتوحيد جهود الوزارتين وتنظيم شؤنهما، وتعزيز العلاقة الرسمية مع مختلف القطاعات، وتبني المواقف المشتركة في القضايا العامة.. ونحن متفقان على تمتين مستوى التقارب في تنسيق الجهود، والعمل على إنهاء حالة الالتباس بتحديد المهام والصلاحيات، وسنمضي قدما لبحث القضايا الشائكة، بما يعزز دور كل طرف في الاشراف والرقابة على عمل المنظمات والمشاريع والبرامج المنفذة وفقا للقانون وبما يعزز الشراكة والتعاون المشترك.

 

*ماذا عن تفعيل برنامج الحماية الاجتماعية؟

-برنامج الحماية الاجتماعية من اهم البرامج التي تسعى جميع الدول القيام به بما يعزز صمود المجتمع ومواجهة أعباء الحياة ومتطلباتها، خاصة في البلدان التي تشهد تقلبات في الحياة السياسية والاقتصادية والمالية والعسكرية، وفي بلادنا ونتيجة للحرب وتنامي الصراع منذ ما يزيد عن سبع سنوات، توقفت عجلة التنمية والاقتصاد، وتلاشت الطبقة الوسطى، وبلغ مستوى الفقر الى ما يزيد عن 80% من السكان، ولم تتمكن المؤسسة التعليمية والصحية عن تقديم خدماتها، وتلاشت الخدمات، وانهارت شبكة الضمان الاجتماعي، وانهارت العملة المحلية وفقدت ما يزيد عن 400% من قيمتها امام الدولار، وزادت نسبة البطالة والنزوح والمشردين، والتسرب من المدارس، وبروز ظاهرة التسول ووصول الملايين من الناس الى حافة المجاعة.. الخ اذاً نحن أمام واقع مخيف جدا، ولابد من اطلاق برنامج الحماية الاجتماعية ليشمل جميع السكان بكل فئاته.. وعلى جميع المنظمات الأممية والدولية والمؤسسات الاقليمية والقطاع الخاص، تمويل هذا البرنامج الانساني، ولهذا الغرض شكلنا اللجنة الاستشارية للحماية الاجتماعية والتي تظم عدد من الوزارات والمنظمات الاممية والدولية بالتنسيق مع منظمة اليونيسيف، وبدأنا بتفعيل دورها من خلال عقد عدة اجتماعات كرست لمناقشة برامج الحماية لكل القطاعات، وسنعمل مستقبلا على تحديد الأولويات وتصميم برنامج الحماية الاجتماعية بحسب المحددات التي يشرف على تنفذها اخصائيين تم تدريبهم للقيام بهذا الدور، علاوة على انتداب خبير محلي لمساعدة اللجنة على تصميم الدراسات والبرامج وخراجها للواقع.

 

*ما أسباب توسيع دائرة الفقر في محافظات الجنوب المحررة؟

-الجنوبيون يدفعون ثمن باهض منذ حرب الاجتياح الأولى  1994م، ومنذ ذلك التاريخ وجد الجنوبيين أنفسهم بلا وطن يحتويهم.. نهبت ثروتهم، وصودرت حقوقهم، وسرحوا من وظائفهم قسرا، وتقطعت بهم السبل في الشتات والمنافي ودول الاغتراب، ومورست عليهم سياسة التجويع والافقار المنظم، ومازالوا حتى اليوم يدفعون ضريبة تطلعاتهم الوطنية لاستعادة دولتهم وأمنهم وثرواتهم المنهوبة وحقهم بالعيش الكريم.. وما يمرون به من أزمات مركبة ليست إلا نتائج لسياسة عقاب جماعي لقوى الهيمنة والنفوذ والتي تظن إنها بهذه السياسة القذرة ستنال من تضحيات وصمود شعبنا الجنوبي.

ثانيا، نتائج الحرب الكارثية على مؤسسات الدولة وتوقف عجلة الاقتصاد والتنمية، بالإضافة الى الحرب الاقتصادية التي تمارسها سلطة الحوثي والتي كان لها الدور الأبرز على توسع رقعة الفقر، وأحد أسلحتها الانقسام النقدي للعملة المحلية (قديم / جديد) مع استمرار هيمنة البنك المركزي في صنعاء على السوق النقدية وتصدير الأزمة المالية الى المحافظات المحررة، مع غياب تام لدور السلطة المالية في عدن لمواجهة هذا الواقع الجديد.. مئات المصارف المرخصة وغير المرخصة نشرت في محافظات الجنوب دون رقيب أو حسيب، هذه المصارف تقوم بدور المصارفة والايداع وغسل الأموال بعيدا عن رقابة وإشراف البنك المركزي بعدن، وبالمقابل سياسة نقدية صارمة لسلطة الحوثي فأصبحت المحافظات المحررة سوق مفتوح للمتاجرة بالعملة والبضائع القادمة من مناطق سيطرة الحوثي والتي تستنزف يوميا مئات الملايين من الدولارات.

كما أن استئثار سلطة الحوثي على الموارد النقدية لعائدات المغتربين والمنح المالية الخاصة بالمشاريع الانسانية للمنظمات التي تورد الى البنوك التجارية في صنعاء اعطاها أفضلية في إدارة حربها المالية.. وتستمر الحكاية مع حرمان العاصمة عدن من أي موارد، هذا الوضع خلق سوق سوداء للمتاجرة بالنقد الاجنبي والاثراء السريع على حساب قوت الناس واحتياجاتهم اليومية.. فكانت النتيجة الحتمية سقوط الريال وخاصة الطبعة الجديدة وضعفت قوته الشرائية الى أضعاف مضاعفة، فلم يعد الراتب الضئيل قادر على تلبية الاحتياجات الأساسية للأسر، ولكل الأسباب التي ذكرتها سابقا توسعت دائرة الفقر، وشملت كل فئات المجتمع دون إستثناء، وسيستمر ذلك مالم تقم الحكومة والبنك المركزي بعدن من تغيير السياسة النقدية واتخاذ الاجراءات الصارمة لإعادة التوازن النقدي، ولا يأتي ذلك بالتسويف والمغالطات ولكن بخطوات جريئة وقرارات شجاعة تضع حدا للعبث بحياة الشعب.. ليس أمام الحكومة والبنك المركزي إلا تطبيق سياسة نقدية تواكب الواقع الاقتصادي الجديد المترتب على الانقسام النقدي للريال، وتفعيل القانون لحماية السوق النقدية في المحافظات المحررة للحيلولة دون استمرار السيطرة الحوثية على سوق المال والتجارة والاتصالات وادارة البنوك واستثمار التحويلات النقدية الاجنبية من المنح وتمويلات المساعدات الانسانية، والعمل على تنفيذ اصلاحات حقيقية في منظومة البنك المركزي للحد من المتاجرة بالعملة الاجنبية ومحاربة السوق السوداء، وفرض التعامل بالريال المحلي في كل المعاملات الداخلية، وانتهاج سياسات ناجعة حتى يتعافى الريال مقابل الدولار، وبدون ذلك سيزداد الوضع تعقيدا وستتوسع رقعة الفقر وقد نصل الى مجاعة وشيكة لا سمح الله.



شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل