آخر تحديث :الخميس 16 مايو 2024 - الساعة:11:34:51
السلاح في عدن .. ومؤشرات عاصفة تهدد السلم والأمن الاجتماعيين في المدينة (تقرير)
(استطلاع / فواز الحيدري)

 

لقد تعودنا حين نكتب عن قضايا حساسة أن نختار أخف العبارات وأرشقها ، وربما ندور ونلف حول المغزى الذي نريد أن نوصله للقراء ، ولا نتجه مباشرة نحو مقصودنا ، ولكننا هذه المرة نكسر هذا الطوق  لنضع هذه القضية التي تؤرق العاصمة عدن أمنياً ، دون مواربة ومن دون رتوش، على طاولتي المقاومين، المحافظ العميد "عيد روس الزبيدي"، ومدير الأمن "شلال شائع"؛ لما بات يمثله هذا الكابوس على مدنية عدن وأبنائها المليئين بالجراح التي خلفتها تلك الحرب الظالمة.

 

استطلاع / فواز الحيدري

 عشوائية السلاح

فلسنا بحاجه إلى البحث عن شواهد على أحساس أبناء عدن خاصة وأبناء الجنوب عامه بالمصير المشترك وسعيها في الملمات إلى تكتيل الجهود درءا للخطر الدَّاهم ، لهذا لن نوغل في سرد تفاصيل التكاتف لمواجهة ذلك الغزو الذي كان وغيره ، فالمسار القريب  الذي مضى قبل أشهر مليءٌ بأخبار البطولة والفداء ، إذ "كانوا فيه على قلب وجسد رجل واحدٍ ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" ؛ ولكننا اليوم مطالبين بالتكاتف والتآزر ؛ لمواجهة عدو قاتل يتجول على أكتاف أبنائنا ، في غير أوانه أو غير الحاجة إليه ، انه السلاح واستخدامه وحمله والمتاجرة به ، وما له من أثار سلبية مدمرة ، وهناك انعكاس لشواهد كثيرة منها على سبيل المثل لا الحصر : الاغتيالات والتصفيات الجسدية ، والقتل الخطأ نتيجة سوء الاستخدام ،  واستخدامه للسطو والسرقة والاختطافات والثأر وغيره من هذه السلبيات.

وكما هي العادة دائماً فبعد كل غزو هنالك مخلفات سامة يتركها الغزاة وراءهم في أي بلدٍ يغزونها ؛ ليسمموا الأجواء بعدهم وينتقموا من أهل المدينة التي رفضتهم ولفضتهم ومشاريعهم، وكذلك كان الوضع بعد طرد مليشيات صالح والحوثي من عدن؛ متراجعين يجرون أذيال الهزيمة والخزي، ولكنهم لن يتركوا عدن في حال سبيلها، ولن يسلموها من حقدهم، وتركاتهم الثقيلة التي وضعوها على أكتاف مواطني هذه المدينة، الذي اهتز وجدان أبنائها عندما شاهدوا بأم أعينهم سوقاً لبيع وشراء السلاح في احد الأسواق العدنية، وكأننا نتحدث عن كذبة غير سوية، بأن تحمل هذه المدينة الحضارية، التي لا تمت للإرهاب أو لتجار الحروب او للقبيلة الغجرية بصلة، ولعل ذلك أكبر وهم تعيشه عدن حالياً.

"الأمناء" قامت باستطلاع عن هذه الظاهرة المدفونة تحت الرماد والتي لا يظهر منها الآن إلا شرر متطاير تذروه الرياح من حين لآخر، حيث أنه يجب أن يكون هنالك بدرجة رئيسية تكاتف ومسؤولية مجتمعية قبل أي جهود أخرى للدولة الغائبة حتى الآن، ومن بعدها يتم تدريجياً، لجم هذه الظاهرة وخنقها تماماً ، وخرجت بهذه الحصيلة:

 

انزعاج وقلق

 

وابتدأ الحديث عن هذه الظاهرة الأخ "عارف الحالمي" أحد قيادات الحراك الجنوبي، مبدياً انزعاجه وقلقه من الإخبار المتوالية التي تصله تباعا عن وقوع جرائم قتل وأعمال تقطع، وأخرى سطو مسلح وسرقات لسيارات ومنازل واختطافات واغتيالات ممنهجة حسب قوله.

وعدّ ظاهرة حمل السلاح دخيلة على مجتمعنا المدني فرضتها الحاجة لمواجهة طغيان الاحتلال ومليشياته الغازية للجنوب عامة ولعدن خاصة الا أننا نخشى إن تتحول إلى ظاهرة مستدامة وينظر إلية كفاية وليست وسيلة لتحقيق هدف محدد تنتهي مع أنتها مقتضيات الحاجة ,ولعل الخوف يتعزز مع سقوط كل ضحية نتيجة حمل سلاح لا يتحكم لأي ضوابط وبما إن الحاجة لحمل السلاح بطريقة عشوائية زالت كليا ولم تبقَ إلا الحاجة لوجود سلاح مقنن وفي إطار المؤسسات الأمنية والعسكرية وتحت إشراف جهة واحدة تمنح رخص حمل السلاح وحيازته وفق شروط منح التراخيص التي تشترط فحص وتوثيق بصمات السلاح ليكون مرجع عند اللزوم .

وأشار إلى أن الحديث عن أمن عدن واستقرارها، أو بناء دولة مدنية حديثه في ضل هذه الأجواء  نوع من العبث ، حيث استبدل فيها البعض لعب الأطفال بسلاح الكلاشنكوف، وأصبح السلاح بيد الكثيرين ممن يمثلون تهديد للأمن والاستقرار ويرفضون قيام أي شكل للدولة او مؤسساتها ، وفي ضل تراخي المجتمع تجاه هذه الظاهرة لا يوجد شخص في مأمن من خطورتها فاقل خطر أن تأتيك رصاصة راجعة أطلقها مجنون او طفل لا يقدر خطورة أفعاله.

الضرب بيد من حديد

وفي السياق ذاته، شاركنا المهندس "غالب أحمد مسعد" عميد المعهد التقني البحري حيث أكد على أن عدن تعودت وعاشت على السلم والسلام، ولكن في حرب 2015م الظالمة التي استخدمت فيها كل أنواع الآلة العسكرية من قبل الانقلابين الحوثه وعفاش انتجت جيلاً جديدا لا يقبل الظلم ولا يقبل إن تداس عدن او تهان وسطّر مآثر بطولية أذهلت العدو والعالم ، ولقد حمل السلاح الكبير والصغير للدفاع عن هذه المدينة الباسلة على مدى التاريخ وانتصر أبناء عدن وعادت الحياة  تدريجيا وتم وضع السلاح جانبا، مضيفاً: فوجئنا بمجاميع تحمل السلاح وتتاجر به وهذه ظاهرة سيئة بعيدة عن عادتنا وتقاليدنا فيجب الوقوف أمام هذه الظاهرة بحزم وبقوة والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه العبث بأمن عدن واستقرارها .

 ودعا السلطة المحلية والمواطنين ومنظمات المجتمع المدني ورجال المقاومة الشرفاء وقوى الحراك الوقوف وقفة واحدة أمام هذه الظاهرة الدخيلة على مدينة عدن مدينة تعايش الأديان وتعدد الأجناس مدينة التنوع الهندسي المعماري الفريد من نوعه.

تفاؤل ومساندة

وعن نظرة الشباب  حول موضوع حمل السلاح وإثارة الكارثة القادمة كان للأخ جهاد احمد التعليم الفني  (شؤون قانونية( رأي لا يختلف عن رأي الآخرين حيث عبر عن تفاؤله بالتعيينات الشجاعة للقائدين المخلصين  عيد روس الزبيدي ومدير الأمن شلال علي شائع الذين صعدوا من قاع المعاناة  ولابد من تضافر الجهود لمساندتهم لأجل تثبيت الأمن وإعادة الأمان لهذه المدينة التي يتحلى أبناؤها بالبساطة والتواضع والتسامح فلعل الإنسان يرى شوارع عدن وأزقتها ومشى فيها و في أسواقها والمرافق الحكومية والمدنية من مدارس وجامعات ومساجد ويسمعها تئن من هذه الظاهرة الدخيلة والمنبوذة من المجتمع ، ظاهرة انتشار السلاح الذي يقلق السكان دون تمييز بين صالح وطالح ، غني وفقير، صديق او حبيب.

  •  

ووجَّه دعوته لكل المنظمات المدنية والأهلية ولأبناء عدن للوقوف جنبا إلى جنب لمساندة رجال الأمن والقيام بما هو واجب علينا كأفراد فاعلين في المجتمع لحفظ أمن واستقرار عدن.

 

عدن تناديكم

وكان للمرأة أيضاً رأي بشأن هذه الظاهرة التي قالت أ. إيمان عبدالرحمن الشرجبي، مديرة ثانوية أبان النموذجية في كريتر، والتي ذكَّرت بقولها: عندما نادت عدن أبناءها للدفاع عنها لبوا النداء وسقوها بدمائهم الطاهرة ورفعوا راية العز والفخر خفاقة على ربوعها بعد أن لقنوا أعداء الوطن دروسا في  الهزيمة والاندحار وأجبروهم على الفرار مذعورين مطرودين شر طردة لان أولئك الأعداء لا يفقهون غير لغة واحدة هي لغة القوة ولغة السلاح والاستبسال والفداء .

و أتبعت : أما الآن وبعد الانتصار فأننا نناشد أبناءنا الشباب وإخواننا الرجال أبناء عدن الباسلة للوقوف صفا واحدا مع الأمن ولابد إن نعلنها صريحة واضحة إننا أبناء عدن اليوم وبعد النصر سنقف ضد حمل السلاح وإننا قد تعدينا ولله الحمد مرحلة الحرب ونحن الآن سنبدأ مرحلة البناء والأعمار والدراسة لأنه الأسلوب الأمثل لتطبيع الأوضاع في عدن وإعادتها إلى مكانتها وموقعها الطبيعي  كعاصمة مدنية حضارية عريقة بالتقدم والنظام لإعلاء صوت القانون والأمن والاستقرار ومثلما رسم أبناء عدن بدمائهم الزكية لوحة في البطولة والفداء لتحرير عدن فأن عليهم اليوم رسم  لوحة مشرقة معبرة عن البناء والإعمار وتطبيع الأوضاع في إعادة الهدوء والسكينة إلى المجتمع من خلال ترك السلاح وحمل القلم بدلا عنه وللعودة بمدينتنا إلى مكانتها الطبيعية الجميلة الراقية لأنه لم يعد من مبرر لحمل السلاح في المرحلة الحالية فلندع رجال الأمن بقيادة مدير الأمن شلال يقومون بعملهم في حفظ الأمن وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها . إلى هنا وصلنا إلى بداية الحلم الممزوج بالتفاؤل وبالتأكيد نحاول الهروب من عفاريت الواقع وخفافيش الأيام السوداء التي كانت ولكن هل لهذا الحلم من تحقيق ؟ الجواب سنلقاه في جعبتي محافظ محافظة عدن العميد عيدروس الزبيدي والأخ مدير أمن محافظة عدن شلال علي شائع الذين نسأل من الله  لهم التوفيق في القضاء على هذه العاصفة التي تجتاح مدينة عدن الحبيبة .

 



شارك برأيك