آخر تحديث :الاثنين 06 مايو 2024 - الساعة:01:04:00
منعطف مهم وتحول فارق على طريق المقاومة الجنوبية وبداية حكمها وتشكيل جيشها الخاص (تقرير)
(تقرير / ياسين الرضوان)

 

تمرُّ المقاومة الجنوبية بتحديات كبيرة ، فالبداية كانت عفوية بسيطة وجماهير ضخمة متدفقة رغم رصاص السلطة،  وفي الوسط خاضوا الحرب بأنفس متوثبة، وسالت دماؤهم وقدموا قرابين من خيرة الشباب، وقاتلوا في كل شارع وزقاق، ودعمهم في ذلك التحالف العربي؛ لردع من يسمونهم "غزاة الأرض"، ويقصد بهم ميليشيات صالح والحوثي.
ومن مرحلة إلى أخرى ضلوا يتقلبون على واقع مليء بالجمر، فسجِن شبابهم، وأطفأ الجلادون أعقاب سجائرهم على ظهور تلهج: "سلمية .. سلمية"؛ لكن تم مواجهة سلميتهم بتشبيه كلمات من بندقية الربان لترسم المشهد الملحمي:" أصواتنا قالوا رصاص ردوا عليها بالقصاص"، وكذلك حق عليهم القصاص..!، وعلى هذا النحو ظلوا يركضون وأحشاءهم تدميها الخناجر والسكاكين والمقاصل، فيسقط الكثيرون منهم في النار، كالفراشات الحرة التي تطير؛ لكنها لا تقبل أن تعيش في الظلام، ولو دفعت ثمن ذلك حياتها، هكذا خلقها الله، ولن تجد لسنته تبديلا..!    
 وبعد الحرب ضد الجنوب والجنوبيين تم دحر مليشيات العدوان، لتأتي حربٌ من نوع آخر أشدُّ خطراً، وهذه هي حرب الأمن والسلام والبناء المجتمعي، كانت البداية على يد طفلٍ عدني نشأ في حوافي الهاشمي، فحن إلى المدينة وحنت إليه واحتضنته في حجرها الدافئ، وتركت لنا ابتسامة مضيئة يتذكرها كل الأوفياء، بأن سيروا على هذا الدرب، وبأن الكفن ليس له جيوب، فأخلصوا لي وأوفوا بالعهد أوفِ بعهدكم، ثم "إن العهد كان مسؤولاً"، يستشهد المحافظ الوفي وتتذكره كل القلوب، فصار جزءاً من تاريخ هذه المدينة، بأنه صاحب خطة التحرير، والفدائي الأول لعدن، إنه جعفر الذي عشقته كل القلوب، ليأتي بعده فدائيون جدد يحملون عشقاً ريفياً صادقاً لا ينفكُّ ولا يكذب، فاتحين صدورهم قائلين: هنا بين الضلوع تسكنين يا معشوقتنا عدن، وأهلك الطيبون هم أهلنا، وتقديسهم جزء من تقديسك، وأرواحنا رخيصة لك، قبلوا التحدي وهم يعلمون ثمنه، إنها حربٌ وجودية، يكونون هم وعدن أو لن يكونوا أبداً..!
تفويض رسمي
وعدَّ مراقبون  قبول "عيدروس وشلال" لهذه المناصب التكليفية لا التشريفية، بأنه تفويض رسمي من قبل الرئيس هادي للمقاومة، وإعطاؤهم الصلاحيات الكاملة لقيادة وإدارة عدن، ويكون بذلك أول امتحان لإثبات جدارة المقاومة الجنوبية، على طريق تشكيل نواة جيش جنوبي خالص من أبناء المدن الجنوبية، وبداية الطريق الفارق الذي يؤسس لما بعد، وكل هذا يتم تحت الأضواء.
وبدوره، يتعهد قائد المقاومة الجنوبية "محافظ عدن"، على إحدى القنوات التلفزيونية،  بأنه على استعداده الكامل هو وكل أفراد المقاومة وكل الشرفاء وبدعم من التحالف - حسب قوله - للقضاء على كل من يشكل خطراً على عدن، أو ينفذ أجندة (صالح والحوثي)، وهنا تتحول المعادلة، ويصبح المطارَد والمطلوب أمنياً لأجهزة ودولة صالح سابقاً ( عيدروس وشلال) يطلب أمنياً - أيضاً - ويهدِّد بمطاردة خلايا صالح والحوثي، أو يساهم بالتآمر لعودة تلك المليشيات..   ، وبشأن هذا الخصوص رصدنا بعض تداعيات قبول هذا الطريق الجديد الذي دخلته المقاومة الجنوبية من البوابة الرسمية هذه المرة والانتقال من العمل الثوري إلى العمل السياسي المنظم، وبدعم وإشراف دوليين.

تداعيات وردود أفعال جنوبية
وفي رد الفعل الجنوبي، رحب أبناء دلتا "أبين" في  بيان رسمي لهم، تأييد ومؤازرة لمهام المحافظ العميد الزُّبيدي ومدير الأمن العميد شائع، مثمنين ومؤيدين شجاعتهما بقبول هذين المنصبين في ظل الظروف الأمنية الصعبة، مباركين لهم هذه القرارات الصادرة من الرئيس هادي، بكل فخرٍ واعتزاز، حسبما ابتدأه البيان.
واعتبرها أبناء أبين خطوة جريئة تغير مجرى التاريخ وتضع الحصان أمام العربة لقيادة الجنوب الى بر الامان، مضيفين: إننا على ثقة بأنهما سيعملان من أجل الجنوب وأمنه واستقراره وعزته وكرامته.
 ووعدوا بأنهم سيكونون دوما الى جانبهم وعونا لهم في دعم مهامهم الوطنية في تثبيت الأمن والاستقرار لعدن، والمناطق المحررة في الجنوب، وسنشترك في خندق النضال معهم من أجل الحفاظ على حقوق أهلنا وأمنهم وكرامتهم.
كما اعتبروها خطوة في الاتجاه الصحيح من الرئيس عبدربه منصور هادي، آملين أن تتبعها خطوات أخرى للتغيير في المحافظات الجنوبية الأخرى، ومنها محافظة أبين.
وبارك العديد من السياسيين والكتاب والنشطاء الجنوبيين وممثلي بعض الأحزاب، وأعلنوا دعمهم لهذه القرارات الرئاسية منهم السياسيين الكبيرين العطاس الذي وصف ذلك بأنه الخطوة الأولى لحفظ الأمن الجنوبي في المناطق المحررة، وهو اقتراب لهادي من الحل الحقيقي، وكذلك الجفري الذي قال: سيروا على بركة الله فلن يخذلكم الله ولا أهلكم ولا تخافوا في الله لومة لائم.
وبعث رئيس حزب الإصلاح بعدن "أنصاف مايو" ببرقية تأييد ومباركة على هذا الاختيار، كما أيدت المناضلة "زهراء صالح"، قبول الزُبيدي وشائع هذه المناصب، لحماية عدن وأهلها من كل الأخطار، وقالت إنها تتويج وانتصار لدماء الشهداء، وكثير من الكتاب الذي لا يتسع المجال لذكرهم.
وأصدرت قيادة المقاومة الجنوبية بردفان بيان يؤكد على الدعم الكامل والوقوف إلى جانب عيدروس وشلال، وعليه فإن المقاومة الجنوبية ردفان تهيب بكل الأحرار في كافة ربوع الجنوب وبالتحديد في العاصمة عدن بالوقوف الى جانب المناضلين، ومساعدتهم في تثبيت الأمن وحماية عدن من الخلايا النائمة والعناصر الإرهاب الحوثية.
وأعجب العميد "فضل الطهشة" قائد اللواء 201  ميكا على القرارات الأخيرة للرئيس هادي ووصفها بأنها أول قرارات تعجبه، من حيث التوقيت ومن حيث مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وبهذه القرارات فقد أصبحت الكرة في ملعب المقاومة الجنوبية وعلى كل المنتسبين للمقاومة الحقيقية عدم الانكفاء في البيوت، فقد حان وقت العمل وقت الجهاد الأكبر، وعدم السماح للمقاومة المستنسخة بإفشال قيادة المقاومة الحقيقية، في مهام وضع حجر الأساس لبناء وطن آمن ومستقر ، كما أعلن الطهشة تأييده لهذه القرارات.
وفي ذات السياق، بعث العميد "محمد ثابت بن ثابت الردفاني"  قائد اللوء 39 مدرع معسكر بدر، برقية تهنئة الى قائد المقاومة الجنوبية محافظ محافظة عدن إلى اللواء عيدروس الزُبيدي، والعميد شلال شائع مدير أمن عدن وإلى الشعب الجنوبي بمناسبة قرارات التعيين هذه.
ولم يبعد الحال كثيراً، عن موقف منظمات المجتمع المدني في عدن، حيَّت هذه المنظمات ومعها اتحاد عمال الجنوب العميدين ، على قبولهما تحمل المسؤوليات التي انيطت بهم رغم كل التحديات، داعيين إلى اليقظة الشديدة لمواجهة كل احتمالات استمرار مخطط (الحوثيين وصالح) في إبقاء مدينة عدن خارجة عن سيطرة القانون والنظام واستمرار العبث وانتهاكات حقوق الإنسان والمساس بالأمن العام والاستقرار، وكذا الملكية الخاصة والعامة وانتشار السلاح والمسلحين في شوارع مدينة عدن، إلى جانب الحاجة إلى إعادة تجميع ذوي الخبرات في مجال أجهزة الأمن المختلفة لإعادة ترتيب الوضع الأمني وتثبيت سيطرة القانون والنظام واحترام حقوق الإنسان، وكذلك تشكيل مجالس أهلية على مستوى كل مديرية تضم منظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية وممثلي الأحزاب والحراك والمقاومة ليكونوا عوناً للسلطات المحلية في مديرياتهم في مختلف ما يتعلق بالحياة العامة والأمن.
وبالمقابل، حذر المحامي الإصلاحي خالد الانسي من هذه القرارات التي وصفها بأنها لمصلحة تقوية نفوذ إيران على أرض الجنوب ، مضيفا : أن هادي يكرر خطأ الحوثيين ولكن هذه المرة في معاشيق .
من يقف وراء المناطقية المقيتة والاغتيالات في الجنوب؟
ولشدة شبق وجنون صالح وأنصاره إزاء قرارات هادي بتعيين (عيدروس وشلال) المنحدرين لمحافظة الضالع، أظهر إعلامه الرسمي نفسه بشكل واضح، وسقوطه باستدعائه المناطقية المقيتة وتحريضه وتغذية نظامه في المرة الأولى وكان المتسبب الرئيس في حروب من خلف الستار في الشمال والجنوب، ويحاول الآن - مجدداً - أن يثيرها بين الجنوبيين؛ لكن الجنوبيين يكررون القول: عانينا كثيرا وتعلمنا أكثر، ووحدتنا الحرب الأخيرة، وأظهرت من هو العدو من الصديق، فدعمنا وباركنا هذه القرارات، وهذا ما جعل صالح وإعلامه يجنُّ جنونهم، ولم يكن ذلك في حسبانهم، حد قولهم.
ووصف إعلام صالح أبناء أبين بالإرهابيين، متشفياً وملمحاً إلى القاعدة في أبين، وقال على صدر الصفحة الأولى من صحيفة "اليمن اليوم"، بأن هنالك حرب مرتقبة في عدن بين إرهابيي أبين وحراك الضالع، برعاية خليجية، وعنونت بالمانشيت العريض: "الجيل 2 من الطغمة والزمرة".
وقال مراقبون وكتاب سياسيون، بأن صالح وإعلامه يثبتون كل يوم بأنهم طوال فترة حكمهم جعلوا من المناطقية المغززة سواءً (شمالاً أو جنوباً) سفينتهم للبقاء على ظهر اليابسة، وعلق الكاتب الجنوبي  المعروف "صالح الحنشي" الذي ينتمي لحزب المؤتمر الشعبي العام، في صفحته على الفيس بوك، قائلاً:" كم نحن طيبون.. أشهد لكم بالله إنني خضت جدلاً واسعا فيما سبق رافضا كل ما كان يقال أن هؤلاء هم من يثير الفتن في الجنوب..؛ والآن تأكد لي أن كل  ضحايا الاغتيالات في الجنوب هؤلاء هم وراؤها، مضيفاً: أعتذر عن كل مواقفي السابقة، وأقول: أقسم بالله إن داعش مهما قتلت.. فهي أشرف منكم ألف مرة..، حسب تعبيره.
وكانت صحيفة صالح - في يوم سابق من هذا - عملت في كل الصفحة الأولى عناوين تحريضية: الزُبيدي محافظا وشلال مديراً للأمن، واستقدام 3500 لمقاتلة أوكار داعش والقاعدة، وبشكل ساقط كما قال البعض، بخط كبير يعنونون (( عدن في يد الضالع ))، مضيفين أن هذا العمل يندرج تحت جلباب المناطقية وإثارة النعرات التي تربك الأمن والاستقرار بعدن.
إلا أن الرد كان مزلزلا من أبناء الجنوب، إذ قالها الجميع أن الضالع هي أبين وأبين هي لحج، ولحج هي شبوة، وشبوة هي حضرموت، وحضرموت هي المهرة، والمهرة هي سقطرى ويجمع هذه المحافظات شعار واحد ، واحد فقط هو "حب الجنوب يجمعنا".

 



شارك برأيك