
هدّدت جماعة الحوثي بمقاطعة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، وذلك في ردّها على إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع اليمني.
وأثارت حدّة الردّ تساؤلات المراقبين عن دوافعها كون الإحاطة المذكورة لم تخرج عن سياق غيرها من الإحاطات لا في أسلوبها القائم على محاولة الحياد والتوازن ولا في مضمونها الذي تضمن الدعوة الكلاسيكية لفرقاء الصراع اليمني للانخراط في السلام جنبا إلى جنب تأكيد التزام البعثة الأممية بمواصلة السعي لإطلاق المسار السلمي.
ورأى مطلعون على الشأن اليمني أنّ رد الجماعة على إحاطة غروندبرغ جاء تعبيرا عن موقف معد سلفا وهادف للتهرب من استحقاقات السلام الذي لم يحن أوانه بعد بالنسبة للحوثيين المرتبطين عضويا في قرار السلم والحرب بحليفتهم إيران التي لا ترى أن من مصلحتها تحقيق الهدوء والاستقرار في اليمن في الفترة الحالية وأن من المفيد لها الحفاظ على وتيرة عالية من التوتر والتصعيد في البلد كي لا تزيح عبء هذا الملف عن كاهل خصومها الإقليميين والدوليين.
وقالت وزارة الخارجية في حكومة أنصار الله غير المعترف بها دوليا في بيان إنها “تأسف لما ورد في إحاطة المبعوث الأممي هانس غروندبرغ أمام جلسة مجلس الأمن التي ظلت تدور في حلقة مفرغة وتبتعد عن الأسباب الجذرية للأزمة في اليمن”.
الموقف من إحاطة غروندبرغ معد سلفا للتهرب من استحقاقات السلام الذي لم يحن أوانه بالنسبة للجماعة المرتهنة لإيران في قراراتها
وبعد أن أظهرت جماعة الحوثي في فترات سابقة استجابة مبدئية لجهود السلام مع السلطة اليمنية المعترف بها دوليا والتي رعاها غروندبرغ نفسه بمباركة سعودية ومساهمة عمانية، باتت الجماعة نفسها تطلب منه شروطا غير منطقية من بينها مطالبته بإدانة السلطة وداعميها في بلدان التحالف العربي وتحميلهم مسؤولية الصراع في البلد، وهو موضوع شكلي تجاوزته الأحداث وقطعت محاولات إرساء السلام خطوات بعيدا عنه.
وأضافت الوزارة أن “الحديث عن السلام يظل ناقصا دون الإشارة للعدوان،” في إشارة إلى التدخل العسكري للتحالف العربي بقيادة السعودية والذي لم يعد قائما في الوقت الحالي، وأيضا الضربات الأميركية والإسرائيلية لمواقع الجماعة ومنشآتها والمرتبطة بصراع جانبي لا علاقة له بالصراع الأصلي الدائر في اليمن منذ سنوات، وكانت الجماعة نفسها سببا في تفجيره من خلال تعرضها لخطوط الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن واستهدافها بالصواريخ والمسيرات لمواقع في الداخل الإسرائيلي.
وتضمّن بيان الوزارة أيضا دعوة إلى المبعوث الأممي ومجلس الأمن إلى “اعتماد موقف أكثر حيادية وموضوعية لوقف العدوان ورفع الحصار بشكل كامل،” جنبا إلى جنب مطالبة غرونبرغ بـ”تحمل مسؤوليته بحيادية والحديث صراحة عن الإجراءات الأحادية التي يمارسها المرتزقة،” في إشارة إلى السلطة الشرعية وحكومتها.
ويشهد اليمن تهدئة هشة رغم إعلان الأمم المتحدة في أكتوبر 2022 عدم توصل الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة التي استمرت ستة أشهر قبل ذلك التاريخ.
وكان غرونبرغ قد دعا الثلاثاء أطراف الصراع اليمني إلى اتخاذ تدابير استباقية وبراغماتية تمهد للسلام في البلاد. وقال في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي إنّ “الاضطرابات الإقليمية ما تزال تقوض فرص إحلال السلام والاستقرار في اليمن، في ظل وضع بالغ الهشاشة.” وأضاف: “يجب أن نواصل جهودنا المشتركة لدفع اليمن نحو مستقبل ينعم فيه بالسلام داخليا وفي المنطقة”.
كما شدد على أن التوصل إلى حل مستدام للوضع في اليمن ليس ممكنا فحسب، بل هو ضرورة ملحة، قائلا إنّه “كي يحظى اليمن بفرصة حقيقية للسلام، لا بد من حمايته من التورط المتزايد في دوامة الاضطرابات الإقليمية المستمرة نتيجة الحرب في غزة، ولذلك، يجب أن تتوقف الضربات ضد السفن المدنية في البحر الأحمر، كما يجب وقف الهجمات الصاروخية على إسرائيل والهجمات الإسرائيلية اللاحقة على اليمن”.