آخر تحديث :الاثنين 12 مايو 2025 - الساعة:17:34:15
"الراية الجنوبية .. رمز الشموخ وصوت المظلومية المستمرة"
(الامناء نت/خاص:)

كتب : د. علي صالح الربيزي

تحت راية الجنوب، كتبنا أجمل ملاحم البطولة، وسطرنا فصول العزة بمداد من الدم والدموع. تلك الراية لم تكن مجرد علم نلوّح به، بل كانت وستظل القلب النابض لقضيتنا، والنبض الذي توحّد عليه الرجال والنساء، الشهداء والجرحى، الأمهات والأطفال.

تحت راية الجنوب قاتلنا حين لم يكن للجنوب سند سوى سواعد أبنائه. وقفنا وحدنا في وجه العاصفة، وقلوبنا معلّقة بتلك الراية التي كانت تمدّنا بالقوة، وتشدّ على عزيمتنا، وتهمس في آذاننا، أنتم أصحاب حق، فلا تتراجعوا.

تحت راية الجنوب سقط الشهداء، أولئك الذين لم يعرفوا للخذلان طريقًا، ولم يلتفتوا وراءهم، مضوا بثبات تاركين خلفهم حلمًا أكبر من الحياة. رايتهم كانت آخر ما نظروا إليه قبل أن تودعهم الأرض، وآخر ما علّقته أمهاتهم على جدران البيوت.

تحت راية الجنوب دحرنا المليشيات التي أرادت أن تدوس كرامتنا، فجاءها الرد من أبناء الجنوب الذين ارتفعت أرواحهم ولم تنحنِ رؤوسهم. في كل طلقة، كان العلم حاضرًا، يرفرف بين غبار المعارك شاهداً على شجاعة رجال لا يساومون على الأرض والهوية.

تحت راية الجنوب، مضت قوافل الشهداء والجرحى، كل جريح يحمل في عينيه حكاية وفاء، وكل شهيد رسم على جبينه وصية لا تموت “لا تتركوا الراية تسقط”.

واليوم، وسط هذا الإرث العظيم، يتجرأ البعض ويقول، لماذا ترفعون علم الجنوب؟ يطلبون منّا أن نطوي رايتنا، أن ننساها في زاوية مظلمة! كيف ننسى راية شهدائنا؟ كيف ننزل علَمًا ارتفع بدعوات الأمهات وبكاء الأطفال وحناجر المقاتلين؟! كيف نتخلى عن العلم الذي حضنته البنادق، وارتفع في كل ساحات النصر؟

وتخرج بعض الأصوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بمنع رفع علم الجنوب في التظاهرة النسوية! وهل نساء الجنوب خرجن إلا تحت راية الكرامة؟ وهل من رمزية أسمى من رايتنا؟ نساؤنا يخرجن اليوم يحملن الألم، يطالبن بإنصاف، ويصرخن بوجع العيش... أفلا تكون راية الجنوب هي أول ما يجب أن يُرفَع فوق رؤوسهن لتقول، نحن هنا، ونحن على حق، ولن نصمت؟

نقولها بقوة، وبصوت كل قلب جنوبي حر، ستبقى رايتُنا مرفوعة، عالية، شامخة. ستبقى علم الشهداء، وراية التضحيات، وراية الحلم القادم. سترفرف في قلوب النساء قبل الساحات، وفي دماء الجرحى قبل الميادين، وفي أعين الأطفال قبل الجدران.

نداء إلى المرأة الجنوبية، يا من كنتِ الأم التي زغردت للشهيد، والزوجة التي صبرت، والابنة التي كبرت على الوجع... أنتِ اليوم لستِ مجرد مشاركة في تظاهرة، بل أنتِ صوت الجنوب، ورافعته العالية.
ارفعي رايتكِ وامضي شامخة، فقضيتنا لا تكتمل إلا بكِ، والنصر لا يُكتب إلا حين تصرخ المرأة الجنوبية في وجه الظلم، وتقول، "هنا الجنوب... وهنا رايتي".
كوني كما كنتِ دومًا... صانعة النصر، وشريكة المجد، وراعية الهوية.




شارك برأيك