آخر تحديث :الاثنين 27 مايو 2024 - الساعة:20:46:42
قصة قصيرة .. الأميرة الضائعة وبائعة الصوف
(الأمناء نت / مريم محمد الداحمة :)

يحكى أنه وفي يوم من الأيام كانت هناك امرأة تسير مع ابنتيها، وبينما كانت في طريقها سمعت صوت بكاء فقامت بإدراج رأسها يمينا وشمالا لترى من أين مصدر ذلك الصوت، وعند التفاتها إلى الاتجاه الآخر رأت طفلة ملقاة تحت شجرة، فهرعت إليها مسرعة هي وابنتاها لتجدها طفلة لا يتجاوز عمرها ? أشهر، فهمست ابنتاها متوسلتان لها أن تترك تلك الطفلة وشأنها فليس لديهم ما يشبع جوعهن فكيف سيقدرن على إطعام تلك الطفلة؟ ناصحتان لها بأن الله سيبعث أهلها أو سيرسل لها من هو أغنى منهم ليطعمها ويرعاها ويهتم بها .
لم تستمع الأم لنصائح ابنتيها وأخذت الطفلة وكلها يقين بأن الله تعالى سيرسل رزق تلك الطفلة معها.. تجولت في جميع أنحاء المدينة لتتعرف ما إن كان أحد يعرف أي شيء عن هذه الطفلة أو أحد أقربائها لتعيدها إليهم، لكن لا حياة لمن تنادي .
عادت الأم إلى المنزل حاملة الطفلة معها وهي تفكر: ماذا بوسعها أن تقدم لها لتسد رمق جوعها. قدمت كل ما تقدر عليه لتلك الطفلة وسعدت بوجودها بينهن هي وابنتيها، وعاهدت ربها أن تحافظ عليها وتربيها وستجعلها ثالث بناتها..
اعتادت الأم وابنتاها على وجود الطفلة وكانت تحرم نفسها من الطعام من أجل إطعام الطفلة. 
مرت حوالي ? أشهر والحال ما زال كما هو لم يظهر أحد من أقارب وذوي هذه الطفلة ليبحث عنها.. وفي منتصف الشهر الرابع نفد كل ما لدى الأم من مال وطعام ولم تعد تعمل، كون المدينة التي تسكن فيها مدينة أناسها فقراء جدا ولم يعد أحد يشتري من بضاعة الأم التي تقوم بصنعها بيديها وهي تطريز الصوف، فقررت أخذ ابنتيها والطفلة والرحيل إلى مدينة أخرى للبحث عن عمل تكسب منه ما يسد رمقها وطفلتيها والطفلة الثالثة، ولم يكن لدى الأم منزل بل كانت لديها خيمة تقوم بتركيبها وفتحها أينما قررت أن تستقر..
ذهبت إلى أحد المدن وكان معروف عن تلك المدينة أن أهلها أناس ذو شأن ومال وجاه، وبعد وصولها لم تنتظر ثوانِ لترتاح ذهبت مسرعة إلى السوق لتعرض بضاعتها لعل وعسى أن تجد أحدًا يشتري منها لتطعم الطفلة التي كاد أن ينقطع صوتها من البكاء من شدة الجوع وتطعم ابنتيها اللتين انهدّ حيلهما من الجوع ومن تعب الطريق، لم تبالي بنفسها بل كان كل همها هو بناتها.
تجمّع الناس حول المرأة مندهشين لما تقوم بصناعته، فكلٌ يريد أن يحظى على شيء من صنع تلك المرأة المبدعة، وكانت الطفلة في يد أحد ابنتيها وفي تلك اللحظات جاءت امرأة لتلقي نظرة على البضاعة التي يتزاحم الناس على شرائها فلفت انتباهها بكاء الطفلة، رفعت رأسها ومن ثم صرخت منذهلة، هي نعم، هي إنها هي، لن أكذّب عيناي،  فهرعت مسرعة إلى الطفلة لتتفحصها وتتأكد من صحة ما رأت، نعم إنها هي، صرخت على المرأة وابنتيها من أين سرقتموها؟ لم تستوعب المرأة ما تقوله تلك المجنونة وكانت تشد الطفلة إليها، فهرعت المرأة وأخذت الطفلة من بين يدي ابنتها وصرخت بأعلى صوتها: "إنها ابنتي ولن يأخذها أحد مني"، تدخّل الكثير من الحاضرين لمعالجة هذه المشكلة والتعرف على تفاصيل القضية التي نشبت، فسردت الأم حكايتها، وكانت تلك المرأة موجودة تستمع للحديث، فنطقت قائلة: "إنها ابنة الملك فارس التي فقدت منذ حوالي "?" أشهر وأنا جارية في قصر الملك".
عادت الجارية بصحبة الأم والطفلة وابنتيها إلى القصر وطلبت من الحراس مقابلة الملك لأمر ضروري، رفض أن يقابلها الملك كونه من بعد فقد ابنته لم يعد يطيق مقابلة أو محادثة أي أحد .
توددت إلى الحراس أن يسمحوا لها بالدخول فرفضوا بناءً على أمر الملك.. صرخت بأعلى صوتها: "أيها الملك أتيت لك بمفاجأة سارة ستفرح قلبك فور سماعها" خرج الملك مسرعا والحزن مخيم على جميع ملامحه، فاقتربت منه وطلبت منه أن يقترب إلى المرأة ليلقي نظرة على ما في يديها، ففعل وعند رؤيته لأميرته الصغيرة تهلل وجهه ونزلت من عينيه دموع الفرح بعودة ابنته، وسجد حامدا لربه أن ابنته عادت إليه وأخذها فرحا مسرورا بعودتها .
كانت الأم تحمل غصّة داخل قلبها، كيف ستقدر على أن تفارق تلك الطفلة بعد أن اعتادت عليها؟
تحقق الملك من المرأة  كيف عثرت على ابنته وأخبرته بالأمر، فأمر بمكافأة مالية كبيرة لها والعيش داخل القصر مدى الحياة.

 



شارك برأيك