آخر تحديث :الاحد 19 مايو 2024 - الساعة:23:40:16
يوم في المدرسة
سامح فؤاد

الاحد 00 مايو 0000 - الساعة:00:00:00

يوم واحد فقط تقضيه في أي مدرسة من مدارس عدن كفيل بأن يجلب لك أخطر وأشد الأمراض الصحية لهول ما ستراه وتقابله من مشكلات ومتاعب تعانيها صروح العلم في المحافظة.. حيث سيتملكك العجب والخوف والحزن في آن واحد للحال التي وصلت إليها مدارسنا ومؤسساتنا التربوية..

إن هناك جريمة ترتكب ضد العلم وضد أجيالنا القادمة، هناك من يسعى جاهدا بلا هوادة لإفساد الحياة التعليمية وتدميرها وإفراغها من محتواها التربوي والعلمي وتحويلها من أداة للنهوض بالمجتمع وتطويره إلى وسيلة لإنتاج أجيال تالفة بائسة مشوهة، ضعيفة الشخصية ومهزوزة الإرادة، أجيال مستهترة ليس لها هدف أو طموح، أجيال مرسوم عليها ملامح الاتكالية والعجز وتعلو وجوهها خيبة امل بالمستقبل وعدم الثقة بالقادم، أجيال لا يمكنها تجاوز مراحلها الدراسية إلا بالغش!!

عند زيارتك لأي مدرسة سترى طلابا كثيرين لباسهم كأنه لباس مدرسي ولكن تصرفاتهم لا تدل أبدا أنهم في مدرسة فلا توجد لديهم خطوط فاصلة بين تعاملاتهم في الشارع وأفعالهم في المدرسة.. يظل المدرس ينادي عليهم ويتتبعهم في طول الساحات وعرضها لأجل إدخالهم الصفوف بلا فائدة حتى ينقطع نفسه وتخرج روحه.

وستجد أيضا صفوفا مكتظة بالتلاميذ فلا يستطيع المعلم المرور بينهم بل إن صوته أحيانا لا يسمعه بعضهم.. يدخل المعلمون المدرسة وهم ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء الحصص المقررة عليهم والتي لا تزيد عن حصتين في اليوم.. ليس لديهم رسالة يسعون لتأديتها وفي أوقات كثيرة يفتقد بعضهم العديد من المعلومات المرتبطة بالمنهج الدراسي.

وعندما تزور المدارس ستشاهد أبوابا ونوافذ محطمة وأدراجا مكسرة وجدرانا متسخة وحمامات قذرة، وستلمح كذلك تصرفات غير أخلاقية دخيلة على مجتمعنا وستسمع عبارات وألفاظا نابية ودونية.

هذه الأوضاع المزرية التي تعانيها معظم المدارس والمرافق التربوية خلقت شعورا بعدم المسؤولية لدى كثير من التربويين وأوجدت إحساسا باللامبالاة عند العديد من الطلاب.

كل هذا يتم ويحدث على مسمع ومرأى المسئولين دون أن نلمس منهم جهودا حقيقية أو خططا فعالة لمعالجة تلك المشكلات التي أصبحت تتفاقم وتزداد يوما بعد يوم وكأن الأمر لا يعنيهم.

هي مسئولية وأمانة في رقاب المسئولين ستسألهم عنها الأجيال المقبلة وسيحاسبهم عليها المولى جلا وعلا.. إن العلم رديف النبوة والعلماء ورثة الأنبياء وتطوير العملية التربوية ليست  بالأمر السهل بل هي مهمة صعبة ورسالة سامية وعظيمة لا يستطيع القيام بها إلا الشرفاء الأوفياء الأقوياء ونحن نثق أن محافظتنا عدن مازالت تزخر بالعديد من الكفاءات والعقول المبدعة القديرة التي تعرف للعلم قدره ومكانته وتدرك أن تطور الوطن وتقدمه مرهونا بنجاح الحياة العلمية والتدريسية وإننا نرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفق هذه الكوادر المخلصة لوضع لمساتها الصادقة للدفع بالعملية التعليمية وتحسينها, كما ندعو الدولة للاستفادة من خبراتهم ومنحهم فرصة تقييم الوضع التربوي وتصحيحه.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل