آخر تحديث :السبت 18 مايو 2024 - الساعة:11:38:14
منجزات في مهب الريح
احمد الجعشاني

السبت 28 مايو 2024 - الساعة:15:22:47

مجانية الصحة والتعليم والإنجاز الذي احتفى به الوطن، أصبح في مهب الريح وذكرى قديمة تتغنى بها الأجيال.

كم كنت أتمنى ألا نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم، الشاهد أننا كل سنه ومنذ غداة الثورة أصبحنا نتخلف عن كل منجز ومكسب حققته الثورة والوطن وأهمها مجانية الصحة والتعليم لكل مواطن، ولكن بقاء الحال من المحال، تغير الحال ودخلت الدولة في حروب متتاليه حتى وصلنا إلى وضع أسوأ مما كنا فيه.

أن تتأخر رواتب الموظفين في كل شهر بل هناك ممن لم يستلموا رواتبهم منذ أشهر في الجهاز الحكومي، وهذا قد ألقى بظلاله على الكثير من المرافق الخدمية، وخاصة مجال الصحة والتعليم الحكومي والتي تفتقر إلى أي موارد مالية ذاتية، تساعد المعلمين في احتياجاتهم المعيشية والظروف الصعبة التي يعانيها المعلم أو المواطن من غلاء الأسعار وارتفاع سعر الدولار، وهي إشكالية يعاني منها موظفو الدولة جميعا، بسبب تأخر الرواتب وهم لا يملكون دخلًا آخر يساعدهم في اجتياز هذه المحنة التي أوجدتها الحكومة بسبب إجراءات روتينية اتخذتها البنوك أمام هؤلاء الموظفين، وأيضا عجز الحكومة عن توفير السيولة المالية للبنوك التجارية المنوطة بصرف الرواتب.

ولعل أسوأ ما يمكن أن نراه اليوم، هو أن إدارة التربية والتعليم في عدن قد سمحت للمدارس بأن تفرض رسومًا أو جبايةً غير شرعية تحت مسمى المساهمة المجتمعية، على الطلبة والطالبات في المدارس الحكومية، وذلك لسد احتياجات المدارس المالية، من دفع رواتب المعلمين المتعاقدين الذين توقفت رواتبهم المدعومة من المنظمات، وأيضا تأخر رواتب المعلمين المنتظمين بسبب تأخر رواتبهم الشهرية، حيث فاجأتنا بعض المدارس الحكومية في الشيخ عثمان، بطلب من أولياء الأمور المساهمة بدفع رسوم مبلغ ألف ريال شهريا، وبعض المدارس ألفين شهريا والبعض أكثر من ذلك، على كل طالب يدفعها ولي أمر الطالب أو الطالبة إلى المدرسة، تحت مبرر أن المعلمين المتعاقدين لم يستلموا رواتبهم منذ أشهر، والمعلمون المنتظمون تأخرت رواتبهم في البنوك وأنهم عاجزون عن مواصلة التعليم للطلبة، وهي سابقة خطيرة وإنذار مبكر يكشف عن سوء مستوى الحال الذي وصلت إليه مهنة التعليم الحكومي في عدن.

وهي ظاهرة قد سبقت إليها وزارة الصحة وهي رسوم المساهمة المجتمعية على المواطن، والتي بدأت بخمسين ريالا يمنيا فقط، وعندها كانت الرواتب تكفي المواطن وسعر الدولار منخفض جدا، بينما اليوم أصبحت المستشفيات الحكومية تنافس مستشفيات القطاع الخاص، الكشف بألف ريال يمني وكل فحص تدفع فيه ثمن الفحص الذي لا يقل عن ألف ريال يمني، وإذا كان هناك عملية جراحية عليك إحضار مستلزمات العملية على حسابك.

مجانية الصحة والتعليم والإنجاز الذي احتفى به الوطن، أصبح في مهب الريح وذكرى قديمة تتغنى بها الأجيال.

 قد لا ألوم المعلمين عن طلبهم هذا من أولياء أمور الطالبات، لأنهم يعانون ولا يستطيعون مجابهة ظروفهم المعيشية الصعبة، ولكني أحمل الدولة سوء إدارتها، أمام تأخر الراتب أكثر من نصف شهر وأحيانا ربما أكثر من ذلك، وراتب المعلم المحدود الذي لا يكاد يكفي متطلبات معيشته، أمام الغلاء الواقع في بلدنا وما تشهده من انفلات كبير في الأسعار بسبب ارتفاع الدولار الذي يضعف من قيمة الريال اليمني، إلا أن ذلك أيضا هو حال جميع موظفي الدولة في المرافق الخدمية.

هم وحدهم الفقراء المدقعون من يرسلون أبناءهم إلى المدارس الحكومية، هم الموظفون في المرافق الخدمية والمتقاعدون عن الخدمة الذي لا يستطيعون دفع رسوم المدارس الخاصة، ولا يستطيعون حتى توفير لقمة العيش بسلام، والذين يعانون في كل لحظة الإفراج عن رواتبهم الزهيدة من البنوك، مثلهم مثل المعلمين الذي يعانون، هؤلاء سوف يحجمون غدا عن إرسال أبنائهم إلى مدارس الحكومة، لأنهم لا يستطيعون توفير لقمة العيش بسلام آمنين، فكيف سيدفعون ثمن تعليم أبنائهم في مدارس الحكومة؟ لا يمكن أن أطلب الرجاء من خائب الرجاء! 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص