آخر تحديث :السبت 04 مايو 2024 - الساعة:10:20:27
الاستمرارية والتغيير
نصر هرهرة

السبت 10 مايو 2021 - الساعة:20:02:23

أكثر من عامين على الحرب في اليمن والوضع مستمر كما هو دون أن تحرز  قوات التحالف، والحكومة اليمنية ضمنها،  أي تقدم في الميدان العسكري، بل شاهدنا انهيارًا لأهم الجبهات: نهم وسقوط الجوف ومعسكرات ومناطق واسعة في مأرب، وكانت البداية في جبهة شمال الضالع، المناطق التي ألحقها النظام اليمني بالضالع، حين سلمت ألوية الإخوان مواقعها وأسلحتها  للحوثيين، ولكن تصدت القوات الجنوبية وأبناء الضالع لجحافل الحوثة وحققوا انتصارات نرفع لها القبعات، واستمر الوضع كما هو في الساحل الغربي بفعل اتفاق استوكهولم الذي وقعته الحكومة اليمنية مع الحوثة، وعاد الكثيرون من جنود وضباط ما يسمى بالجيش الوطني إلى أحضان الحوثي في صنعاء، وسلمت لهم أسلحة من مخازن ما يسمى بالجيش الوطني بعلم قادة كبار أشار إليها التقرير الثالث للخبراء الدوليين والإقليمين البارزين، ووعد باستكمال التحقيق في هذا الأمر وتضمينه تقاريرهم القادمة، كما لم يتحقق أي إنجاز دبلوماسي للحكومة اليومية، وكان العالم وفي المقدمة الدول العظمى - أمريكا مثلا - داعمة للتحالف العربي في هذه الحرب على الأقل لوجستيا، ولم تشكل أي ضغوط في عهد ترامب لإيقافها لكن بوصول بايدن  إلى البيت الأبيض الأمريكي فإن المعادلة السياسية قد بدأت في التغيير ويريد الديمقراطيون أن يحققوا نجاحا سريعا  في وقف الحرب في اليمن يعزز نجاحهم في الانتخابات الرئاسة الأمريكية التي شكك فيها ترامب  ويعزز إجراءاتهم في إلقاء قرار ترامب باعتبار الحوثيين جماعة إرهابية أو تعديله،  ويساهم في إنجاح سياستهم تجاه البرنامج النووي الإيراني، إذن نحن أمام وضع حساس ودقيق ولحظة نتوقع أن تقود لتوقيف السعودية حملتها العسكرية في اليمن لتجار السياسة الأمريكية الجديدة من جهة بمجرد حصولها على ضمانات بعدم تعرضها لهجمات حوثية  ولتتخلص من الأعباء العسكرية والنفقات المالية الضخمة التي تكبدتها في تدخلها في حرب اليمن مقابل نجاح محدود لا يكاد يذكر،  فالتهديدات الحوثية للبنية التحتية السعودية والمرافق الحيوية قائمة وتشير نتائج أبحاث ودراسات استراتيجية أن المملكة قد غيرت استراتيجيتها من بدء القصف  إلى استراتيجية رد الفعل على الضربات الحوثية ويمكن أن يلحظ ذلك بوضوح أي متابع حصيف،  لهذا نرى أننا أمام لحظة تغيير قد تكون فجائية وقد تتم بالتدريج.

ورغم بعض المؤشرات على تصدع الوضع في إطار الحوثيين نتيجة ظهور وتصادم مصالح شخصية كبيرة، والمناطق التي يسيطرون عليها نتيجة تدهور الأوضاع إلا أن الحقيقة تبدو واضحة أن التماسك والتصلب والاستمرار في الوضع القائم قد يصمد إلى ما بعد الحل السياسي لمشاكل المنطقة.

أما في جبهة التحالف فقد شهدت تطورات دراماتيكية منذ تحرير الجنوب من غزاة 2015 م وبقايا نظام الاحتلال للجنوب الذي خلفته حرب صيف 94م، فقد حاولت الحكومة اليمنية اختطاف النصر الجنوبي وتجييره لصالحها ولإعادة الاحتلال اليمني للجنوب، فقاوم الجنوبيون ذلك وبسطت المقاومة الجنوبية سيطرتها، وبعد قرارات هادي الشهيرة بإقالة المحافظين والوزراء الجنوبيين  تمكن الجنوبيون من تجميع قواهم  وتشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي كقيادة سياسية وتأطير المقاومة الجنوبية في إطار القوات المسلحة الجنوبية، وتبين أن قوى النفوذ اليمنية تركز جل جهدها في محاولة إعادة الاحتلال اليمني للجنوب وتقويض النصر الجنوبي  فتلاحقت حماقاتهم في يناير  2018 وفي أغسطس 2019م  ثم فجروا الحرب في شقرة 2020 م وتخاذلت في قتالها مع الحوثي وبدأ يلوح في الأفق تحالف تركي إيراني ينعكس على شكل تحالف إخواني حوثي، ونتوقع أن مثل ما حصل من ست حروب بين الحوثي وصالح ثم التحالف الذي حصل بينهم قد يحصل تحالف إخواني حوثي بعد  ست سنوات حرب هم من أشعلها لكن ذلك قد يفشل اتفاق الرياض وقد يستفز الرئيس هادي وجناحه في الحكومة اليمنية وفد ينحو نحو تحالف أو اصطفاف جديد، لهذا فإن التغير في هذا الإطار وارد  فنتوقع استمرار الحال في جوانب ونتوقع تغييرات في جوانب أخرى  وسوف يؤثر كل منهما على الآخر.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل