آخر تحديث :الخميس 22 مايو 2025 - الساعة:19:31:07
الذكرى الثانية والخمسون للاستقلال المجيد..
أدهم الغزالي

الخميس 30 مايو 2019 - الساعة:11:22:39

تحل علينا اليوم الذكرى الثانية والخمسون للاستقلال المجيد 30 نوفمبر 1967م، ذلك اليوم البهيج الذي احتفل فيه شعبنا بجلاء آخر جندي للاستعمار البريطاني بعد احتلال واستعمار دام قرن ونيف من الزمن، خاض شعبنا خلال تلك الفترة أروع الملاحم البطولية تمثلت بمواجهات مباشرة "غير متكافئة" عند دخول قوات المستعمر الغازية إلى عدن بداية العام 1839م واستمرت على شكل انتفاضات ومناوشات متفرقة طوال تلك الفترة، وهذا دليل على رفض شعبنا للغزاة المستعمرين، وقد بلغت ذروة الرفض الشعبي للتواجد الاستعماري بانطلاق الثورة الشعبية المسلحة في الرابع عشر من أكتوبر 1963م وهو يوم إعلان قيام الثورة والتي استمرت أربع سنوات من الكفاح المسلح توجت بالاستقلال السياسي الناجز بعد معارك أسطورية خاضها ثوار الجنوب عسكريا أجبرت المستعمرين على الاعتراف بالثورة ومن ثم كانت المعارك السياسية الحاسمة التي خاضها وفد الثوار المفاوض في محادثات جنيف والتي شكلت نقطة التحول الأساسية نحو الانعتاق والتحرر من الاستعمار الذي رضخ بعد ضربات الثوار الموجعة في ميادين الثورة والنضال، وقد انتزع ثوار الجنوب استقلالهم بالقوة من بين مخالب المستعمر، وتحقق لشعبنا ما كان يحلم به، وأننا في هذه الذكرى الجميلة والغالية على قلوبنا نعتز ونفتخر بأنها كانت أعظم إنجاز تحقق في شبه الجزيرة العربية والوطن العربي خلال القرن العشرين، نفخر بأنها وحدت ثلاثة وعشرون كيانا سياسيا وقبليا في كيان سياسي واحد، تحت شعار وعلم ونظام ونشيد واحد، كيف لا نعتز بهذا اليوم وقد كانت الجنوب من قبله ترضخ تحت وطأت الاستعمار ومشتت بيت عدة أنظمة وكيانات ودويلات متفرقة يحكمها الاستعمار بالنار والحديد، وقد عمل ذلك الاستعمار قبل خروجه على تشكيل قالبا معين يخدم مصالحه، ولكن شعبنا الحر الأبي رفض ذلك، لانه يدرك بان الاستعمار يريد فرض لونا وشكلا واحدا حسب مزاجه.

وعليه فإننا نذكر شعبنا بما حققه الاستقلال من أجل استلهام العبر والدروس والقيم السامية خدمة للوطن وإعلاء لشأنه، ولا ننسى في هذا المقام ان نذكر بانه في كل مرحلة يوجد من لا يريد التقدم لشعبه ولا يريد أن يخرج من دائرة مصالحه الضيقة، وقد كان البعض يعارض الثورة عند انطلاقها في عام 1964م وعلموا على التشكيك والتشويه بالثوار ونعتوهم بأقبح الألفاظ والأوصاف، ظنا منهم أن ما يقوم به الثوار يتعارض مع مصالحهم الأنانية الضيقة، وقد عملوا بكل قوة على التشويش وعرقلة النشاط الثوري، ولكن إرادة الشعب كانت أقوى منهم، وأننا اليوم نرى امتدادا لأولئك النفر فنجد من يدافع عن مصالح ضيقة ضد مصالح شعبه الكبرى ولكنهم لن يجدوا من ذلك غير الخسران.

كما أننا نذكر اليوم من يحاول أن يقلل من أهمية الثلاثين من نوفمبر عيد استقلال شعبنا المجيد، ويروج للاستعمار، بل يحن لهم، معللا ذلك بالواقع التعيس الذي نعيشه، نقول لهؤلاء النفر أن طريق الحرية لم يكن في يوم من الأيام مفروشة بالورود، بل انه مفروش بالشوك والألغام، والأحرار وحدهم من جعلوا أجسادهم جسور للعبور فوق تلك الألغام، ولا يحق لأحد ممن لم يذق طعم الألم ومرارة العذاب ان يقلل من أهمية هذه المناسبة العظيمة التي صنعها أبطال خلدهم التاريخ في انصع صفحاته إشراقا، كما نذكر من لم يفهم ولم يعي دروس المراحل السابقة ان كل تلك الصراعات التي حدثت بعد الاستقلال كانت من صنيعة المستعمرون بل هي جذور زرعتها أجهزة الاستخبارات المعادية قبل الاستقلال وغذتها بعد ذلك من خلال عناصر حاقدة على الثورة وعلى الشعب وقد كانت ألغام مميتة أصابت الاستقلال في مقتل عند التوقيع على الوحدة الاندماجية الغير مدروسة والتي شاهدنا وعانينا ولا زلنا نعاني من نتائجها حتى اللحظة، ولهذا علينا اليوم أن نتطلع للمستقبل بعقل واعي وعين بصيرة من اجل السير في طريق آمن وتجنب الطرق الملتوية المليئة بالصراعات والمآسي وقد أختار شعبنا طريق التصالح والتسامح كقاعدة قوية ومتينة عنوانها القبول بالاخر من أجل عيش مشترك وآمن، فالجنوب لجميع ابناءه ولا يحق لأحد أن يتفرد به، هذا اذا أردنا جنوبا حقيقيا متماسكا يصلح العيش فيه، ولنعلم جميعا ان أرضنا ما زالت بكرا لم تستكشف بعد، في ظاهرها عقول لم يتاح لها المجال حتى الان وفي باطنها ثروات عظيمة تجعلنا نعيش في رغد رخاء جيلا بعد جيل..

وفي الختام...
لا يسعنا إلا ان نترحم على أرواح شهداء الجنوب في كل المراحل ونوجه تحية إجلال واكبار لمن قدم حياته وافنى عمره مدافعا عن الحق وحق الحق في الدفاع عن مكتسبات شعبنا التي تحققت وأولهم قيادة الاستقلال الأول مؤسسي الثورة وصناع نصرها وعلى رأسهم المناضل الكبير الرئيس الفقيد قحطان محمد الشعبي ورفاق دربه الميامين، رحمة الله على من لقي ربه منهم وسلام الله على من لا زال على قيد الحياة، كما نتوجه بالتهاني القلبية في هذه المناسبة إلى شعبنا الجنوبي العظيم وقيادة ثورته الأبطال الذين يخوضوا معركة التحرير المصيرية الثانية على خطى الاستقلال الثاني حتى تحقيق الهدف بإذن الله..
اللهم احفظ هذا البلد من كل شر وسوء والله الموفق والمستعان..

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل