يتزايد عدد الخلايا التي تضبطها الأجهزة الأمنية في عدد من مناطق سيطرة الحكومة، والتي قامت ميليشيا الحوثي بتجنيدها، وتمكنت تلك الأجهزة خلال العام الجاري، من ضبط وتفكيك 14 خلية مرتبطة بالحوثيين، في زيادة تتجاوز 3 أضعاف ما تم إحباطه طوال العام الماضي.
ويوم الجمعة الماضي، أطاحت "القوات المسلحة الجنوبية"، بخلية جديدة "تتلقى الأموال من الحوثيين، وتنشط في المناطق الوسطى من محافظة أبين" المجاورة للعاصمة المؤقتة عدن، أثناء محاولة عناصرها التوجّه إلى محافظة البيضاء، وسط البلاد، لـ"تلقي تدريبات عسكرية".
ويرى خبراء عسكريون أن لجوء الحوثيين، مؤخرا، إلى تكثيف الجهود الاستخبارية والتخريبية في مناطق سيطرة الحكومة يُعد "رد فعل تكتيكي بهدف الاعتماد على الحرب غير النظامية، في محاولة لزعزعة استقرار الداخل وإرباك أي جهود عسكرية مضادة تحظى بدعم دولي".
وطبقا لبيانات وزارة الداخلية والقوات الجنوبية والمقاومة الوطنية، تتعدد مهام الخلايا المضبوطة بين التجنيد والتخابر وجمع المعلومات لصالح الحوثيين، بالإضافة إلى تهريب الأموال والسلاح والمخدرات للميليشيا، والتحضير لعمليات تخريبية تزعزع أمن واستقرار مناطق نفوذ الحكومة، بينها عمليات استهداف تطال قيادات عسكرية وأمنية.
في أواخر يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت اللجنة الأمنية العليا تفكيك "أخطر الخلايا الإرهابية المرتبطة بميليشيا الحوثي وتنظيمي القاعدة وداعش"، بمديرية الشمايتين في محافظة تعز، بعد تورطها في تنفيذ اغتيالات وتفجيرات واختطافات، امتدت إلى المحافظات الأخرى، أبرزها العاصمة المؤقتة عدن.
مخطط متدرج
يقول المحلل العسكري، العقيد محسن الخضر، إن انتشار خلايا الحوثيين في مناطق الحكومة، "ليس عشوائيا، بل جزء من مخطط متدرّج تستغله الجماعة لتعويض نقاط ضعفها في المواجهة الداخلية".
وأضاف الخضر في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن وضع الاستنفار الذي تعيشه الجماعة، نتيجة التداعيات العسكرية لانخراطها في التصعيد الإقليمي وتهديداتها على الملاحة الدولية، "انعكس على تقليص حضورها المباشر في بعض الجبهات اليمنية، ما جعلها تعتمد على أساليب الحرب غير المتكافئة لتعويض أي عجز ميداني".
وأشار إلى قلق الجماعة وتوجسها من دعم دولي واسع يعزز من قدرات القوات الحكومية، تمهيدا لإطلاق عملية عسكرية مرتقبة تسعى لاجتثاث الحوثيين من المناطق المطلّة على مياه البحر الأحمر، على نحو يحدّ من استمرار هجماتهم على السفن.
وبحسب الخضر، فإن زرع العديد من الخلايا في مناطق سيطرة الحكومية، يأتي في سياق جهود الحوثيين لتحقيق اختراق داخلي، يمكّنهم من رصد أي معلومات أو تحركات مضادة لهم، فضلا عمّا تحدثه هذه الخلايا من اضطراب وزعزعة للاستقرار.
تحصين المجتمع
من جهته، يعتقد الخبير العسكري، العميد ثابت حسين صالح، أن تصاعد أعداد الخلايا المضبوطة، يعود إلى اليقظة الأمنية ونشاط الأجهزة الاستخباراتية بالمحافظات الجنوبية في رصد وتعقّب هذه الخلايا، إلى جانب الاهتمام المتزايد من الحوثيين بالجانب الاستخباري المضاد.
وذكر صالح في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الحوثيين كثفوا من عملهم الاستخباري والتخريبي في الجنوب بهدف إضعافه على المستوى الأمني والعسكري والسياسي والاقتصادي، بعد أن فشلوا في تحقيق أي اختراق ميداني عسكري تجاه مناطقه طوال الفترة الماضية".
مشيرا إلى أن الخلايا تؤدي وظائف متعددة، أبرزها جمع معلومات استخباراتية عن تحركات الوحدات والبنى التحتية الاستراتيجية، إضافة إلى العمليات التخريبية كالتفجيرات واستهداف الشخصيات والمنشآت الحساسة، وذلك بهدف خلق حالة من الإرباك في معنويات القوات والمجتمع.
وبيّن الخبير العسكري أن هذه الاختراقات تستهدف ثغرات عملية وإدارية واجتماعية، "وبالتالي فإن أي ردّ فعلي يجب أن يجمع بين إنفاذ القانون، ومضاعفة الجهد الاستخباري المقابل، إلى جانب تعزيز وعي المجتمع وتحصينه بسياسات استباقية، لمنع حدوث أي استغلال لنقاط الضعف الاجتماعية".