آخر تحديث :الجمعة 19 ابريل 2024 - الساعة:14:27:11
من يداوي جراح المعلم ويعيد له اعتباره؟
 (7) سنوات والعلاوات والمستحقات المالية متوقفة .. معلمون يبحثون عن أعمال تسد رمق جوع أطفالهم
("الأمناء" تقرير/ د. الخضر عبدالله:)

قصص مأساوية لا حصر لها تروى عن الموت جوعًا، الذي يطارد المواطنين ممن ينجون من الأمراض والقذائف والرصاص، فوفقًا لتقارير دولية فإن الملايين يحصلون بالكاد على وجبة غذاء واحدة يوميًا، ويبقى مصيرهم في اليوم التالي مجهولاً.

مع بدء انطلاق العام الدراسي الجديد، يواجه نظام التعليم المدرسي النقص الحاد في جميع المناطق, وتصاعدت نسبة تسرب المعلمين من مهنتهم بحثًا عن أعمال أخرى يستطيعون بها توفير متطلبات أسرهم وعوائلهم، بعد انقطاع المرتبات في ظل الحرب التي خلفت وضعًا معيشيًا واقتصاديًا في غاية الصعوبة.

وحتى قبل الحرب، لا تزال كثير من المناطق تعاني من نقص كبير في عدد المعلمين، وهو ما فاقم من ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس.

 

من معلم إلى عامل

صلاح هشام، المعلم الذي كان يدرّس مادة اللغة العربية في إحدى مدارس أبين، أجبرته الظروف إلى ترك مهنة التعليم واللجوء للعمل في البناء، إذ بات اليوم يعمل بجمع مادة (النيس والكري) في أحد أودية المنطقة، بالإضافة للعمل في مصنع للطوب من أجل الحصول على مردود أفضل يساعده على توفير متطلبات الحياة، فيما تنازل عن راتبه المقدر بنحو 40 ألف ريال لأحد البدائل لتغطية النقص في المدرسة التي كان يعمل بها.

يقول صلاح في حديثه: “لقد كانت السعادة تكسوني عندما توظفت ظنًا مني أني قد غادرت البطالة وحل زمن الاستقرار بعد انتظار 20 عاما للوظيفة، لكن رياح الأحداث جاءت بما لا يشتهيه المعلم” - كما يقول.

ويضيف بندم شديد لما آلت إليه الأوضاع بالبلاد: “لقد ساهمت الحرب بتدهور أوضاعنا حتى صرنا نرى طلابًا لنا يعملون في القطاع العسكري يقبضون مرتبات أفضل منا، ما أصابنا بالإحباط وفرض علينا عدم الاستمرار في مرحلة التعليم لكبر حجم أسرنا وعدم كفاية المرتب لمتطلبات الحياة”.

 

من التعليم إلى السوق

بدروه يقول زميل صلاح في الحقل التعليمي يعمل هو الآخر في سوق لبيع الخضروات، وهو زميل دفعة صلاح في التوظيف: “لا يكفي المرتب لشراء كيس من القمح يكاد يكفي عائلتي شهريًا، فكيف بتلبية المتطلبات الأخرى؟!”.

ومن جانب تحول أستاذ تربوي في محافظة لحج للعمل في إحدى المقاهي الشعبية، بحثا عن لقمة العيش، بعد أن تدهور وضعه المعيشي وأصبح راتبه الذي يتقاضاه لا يلبي مأكله ومشربه - بحسب ما قال.

وظهر الأستاذ عبد السلام محمد سالم سالم سمرة وهو يعمل في مقهى شعبي وسط مدينة الحوطة حتى يستطيع تلبية متطلبات الحياة له ولأسرته، بعد أن أصبح راتبه لا يفي بمتاعب الحياة ومسؤولياتها، في مشهد يتكرر مع كثير من الناس.

يقول سمرة: "عملي في مقهى شعبي لن يقلل من مكانتي كتربوي وحتى أخلاقي، فأوضاع البلاد فرضت علينا أن نتجه للبحث عن مصادر دخل أخرى لا سيما وراتبي لا يكفي لتغطية التزاماتي اليومية مع ارتفاع الأسعار في كل شيء".

وطالب سمرة الجهات المعنية "للنظر بجدية إلى وضع المعلمين المزري بعد أن أصبحت رواتبهم لا تفي بمتطلبات الحياة اليومية".

 

المعلم يذبح من الوريد إلى الوريد

ويتحدث معلم آخر عن تجربته في تركه للتعليم والبحث عن عمل آخر، بالقول: إن “الراتب المقدر بنحو 40 أو 50 ألفًا لا يساوي شيئًا أمام متطلبات الحياة، الأمر الذي أجبرني على الالتحاق بسوق القات لتوفير قوت أطفالي فهو أفضل من الانتظار للمرتب الثابت نهاية كل شهر وأحيانًا أخرى نهاية كل شهرين أو ثلاثة”.

ويأمل من الجهات المعينة في الدولة البحث عن حلول مجدية والاستشعار بالمسؤوليات التي فرضت على المعلمين تجاه أسرهم، في ظل الراتب المتدني الذي لم يعد بفعل الحرب والصراع وتضخم المعيشة يساوي قيمة كيس قمح (50 كيلو جرام)”.

تجدر الإشارة الى أن بعض المدارس أعلنت هذا العام رفضها فتح المدارس لاستقبال العام الدراسي المزمع انطلاقه منتصف الشهر الجاري بسبب النقص الحاد في عدد المعلمين وعدم وفاء الحكومة بالتزاماتها بتسوية أوضاع المعلمين، كما وعدت في السنوات السابقة، بالإضافة لالتحاق العشرات من المعلمين هذا العام بالتجنيد الجديد هربًا من شح الأجور في المدارس.

 

رواتب تعادل كيس سكر ودقيق

وتداول ناشطون صورة لمعلم وهو يقف أمام لافتة تصف الوضع الحالي للموظفين اليمنيين وخصوصاً المعلمين.

وفي الصورة يقف المعلم أمام لافتة مكتوب عليها “صارت رواتبنا كيس دقيق وسكر فمن يرضيه هذا؟!”، وكأنه يقف أمام سبورة يشرح عليها الدرس الأول في العام الجديد للطلاب، ويروي لهم قصة معاناة المعلمين في بلادنا.

 

قصص مأساوية

من جهته قال مختار العزي: "هناك قصص كثيرة من المعاناة الإنسانية للمعلمين". لافتا إلى أن البعض منهم يذهبون إلى مدارسهم وليس في منازلهم ما يسد جوعهم أو مواصلاتهم.

وأشار إلى أن الحال وصل بتشريد أسر من منازلهم والعيش عند أقاربهم والبعض يذهب ليدرّس الطلاب بدون حذاء لعدم قدرته على شرائه، مؤكدا أن هناك من المعلمين من يذهب إلى المطاعم ليأخذ بقايا الطعام ليسد به رمق أولاده من الجوع، وكثيرة هي معاناة المعلمين لو تتبعناها أو حاولنا حصرها لوجدناها مأساة حقيقية, وفيما سبعة أعوام والعلاوات والمستحقات المالية للمعلمين متوقفة بالكامل.

 

فضائح المنظمات الأممية

وتتوالى فضائح المنظمات الأممية العاملة باليمن حسب التقارير الدولية بعد فضائح برنامج الغذاء العالمي الذي كان يمول الجبهات بالسلل الغذائية التي كانت من المفترض أن تقدم للمعلمين.

وتشير تقارير أخرى لمنظمات محلية أن اليونسيف تسير على ذات الطريق.

وكان وزير التربية والتعليم السابق د. حامد لملس قد اتهم اليونسيف بالسعي لدعم الحوثيين بمليارات الدولارات باسم المعلمين والذين لا يصلهم شيء منها، مؤكدا في الوقت ذاته أن اليونسيف رفضت التعامل مع الحكومة في صرفها حسب كشوفات 2014.



شارك برأيك