آخر تحديث :الجمعة 19 ابريل 2024 - الساعة:01:16:01
الجنوب بين مرحلة فك الارتباط واستعادة وبناء الدولة الجنوبية
(الأمناء / كتب/ قايد الحجيلي:)

هلت علينا الذكرى الـ 28 من مايو 1994م  لإعلان فك الارتباط عن الجمهورية العربية اليمنية، الذي أعلنه الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض والعودة إلى الوضع السابق قبل عام 90م بعد أن فشلت الوحدة الاندماجية بين الدولتين خلال سنواتها الأولى من خلال محاولة الطرف الآخر الاستحواذ على كل شيء وتهميش الطرف الجنوبي من مراكز القرار في الدولة والبدء في مسلسل الاغتيالات للكوادر الجنوبية السياسية والعسكرية والتي راح ضحيتها المئات من الكوادر الجنوبية، الأمر الذي جعل القيادة الجنوبية تطالب بفك الارتباط عن الوحدة من الشمال والعودة إلى وضع الجنوب السابق قبل عام ٩٠م كون الوحدة كانت بتراضي الطرفين ولا يمكن لها أن تستمر دون موافقه الطرفين، حينها كان الطرف الشمالي يعد العدة ويعمل على الحشد العسكري والتعبئة الدينية ضد كل ما هو جنوبي وتحريك مشائخ الدين وعلماء الشمال لهذا الغرض وشراء ذمم بعض ضعفاء النفوس من الجنوبيين.

يوما بعد يوم زادت الخلافات تعقيدا بين الطرفين وبدأت العلاقات تتوتر، عندها وبعد فشل كل الوساطات عاد الرئيس علي سالم البيض والقيادات الجنوبية إلى العاصمة عدن، وبعد استكمال المخطط الذي تقوده قيادات الشمال للحرب على الجنوب أعلن الرئيس علي عبدالله صالح الحرب على الجنوب من ميدان السبعين بصنعاء بتاريخ 27 أبريل 94م بعد أن تم حشد كل المجاهدين والإرهابيين من الخارج والداخل للمشاركة معهم في غزو الجنوب والاستعانة بالشيوخ وعلماء الشمال في إصدار فتاوى التكفير ضد كل ما هو جنوبي استعدادًا للحرب واحتلال الجنوب، حينها لم يكن أمام القيادة الجنوبية من خيار آخر غير المواجهة والدفاع عن الجنوب وشعبه، وتم إعلان قرار فك الارتباط عن الوحدة مع الشمال في تاريخ  21مايو 94م من قبل الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض بعد فشل مشروع الوحدة مع الشمال، وبدأ كل طرف يعد ويحشد للمواجهة رغم استمرار بعض دعوات التهدئة والمطالبات للطرفين بالعودة إلى الحوار والخروج من الأزمة، إلا أنها فشلت جميعها أمام نوايا الطرف الآخر الذي كان يحيك المؤامرات منذ البداية بالانقلاب على الشريك الجنوبي والاستفراد بالسلطة والقرار، وهذا ما حدث مؤخرا بعد نهاية الحرب وغزو الجنوب واحتلاله من قبل الشمال في يوليو الأسود عام ٩٤م.

 حيث مارس الاحتلال اليمني بحق شعبنا الجنوبي أبشع صور الاحتلال من خلال  نهب وقتل الشعب الجنوبي وتدمير كامل مؤسساته وتسريح كل كوادره العسكرية والأمنية والمدنية ومحاولة تزوير هويتنا الجنوبية وتاريخنا الجنوبي، في اعتقاده بأنه سوف ينهي كل ما هو جنوبي، حينها كان الشعب الجنوبي لم يستوعب الصدمة بعد هزيمته عام ٩٤م بعد أن أصبح تحت هيمنة قوى الاحتلال اليمني القبلي المتخلف، إلا أن شعبنا الجنوبي الحر لم يفكر يوما بالخضوع والاستسلام للمحتل اليمني رغم ما تعرض له من أساليب القتل والإرهاب والتعذيب والسجون التي مارسها بحقه المحتل اليمني إلا أنه كان صامدًا وعبّر عن رفضه لسلطة 7/7 الدموية عبر العديد من الوسائل النضالية الجنوبية الرافضة للاحتلال اليمني منذ عام 94م عبر طرق النضال السلمي والمقاومة السرية، ابتدأ بحركة موج وحتم وغيرها للتعبير عن الرفض الجنوبي للمحتل اليمني حتى انطلاق المارد الجنوبي الحراك السلمي عام 2007م وما حدث قبله من إعلان مشروع التصالح والتسامح الجنوبي عام 2006م من جمعية أبناء ردفان بالعاصمة عدن، والتي شكلت القاعدة الصلبة التي انطلق منها الحراك السلمي الجنوبي عام 2007م رفضًا للاحتلال اليمني والمطالبة لاستعادة الدولة الجنوبية والتي شارك فيها كافة شرائح المجتمع الجنوبي وقدم شعبنا خلالها قوافل من الشهداء والجرحى والمفقودين ومع استمرار المحتل في قمع وقتل المشاركين في الاحتجاجات السلمية الجنوبية زادت من التوسع والشعبية بين أوساط المجتمع الجنوبي حتى أصبح معظم الجنوبيين يرفع نفس الشعارات والمطالب ولا يقبل أي حلول أخرى.

يوما بعد يوم ونتيجة القمع والقتل والسجون لكل من يطالب بالجنوب بدأت تتشكل عناصر من المقاومة الجنوبية السرية لحماية الشعب الجنوب والدفاع عنه من الظلم والقتل الذي يتعرض له من قبل الاحتلال اليمني المتخلف، واستمرت الثورة والمقاومة حتى عام 2014م عندما قام الحوثي بالغزو اليمني الثاني للجنوب واحتلال العاصمة عدن بالتنسيق مع عفاش، حينها قاوم الشعب الجنوبي والمقاومة الجنوبية وأبطال الجنوب الغزو الثاني للجنوب بقوة وبسالة، وبدعم من التحالف العربي تمكن الشعب الجنوبي من تحرير العاصمة عدن ومدن الجنوب الأخرى، وكان ذلك اليوم انتصارًا عظيمًا ويومًا خالدًا في تاريخ شعبنا الجنوبي لن ينساه مدى الدهر، كما كان نصرًا كبيرًا للعرب جميعا ضد المشروع الفارسي في المنطقة كونه قطع دابر إيران والفرس ومليشيات الحوثي الإرهابية وأطماعها التوسعية في المنطقة، ومنذ ذلك الانتصار العظيم قبل سنوات أصبح الجنوب الحليف الاستراتيجي الصادق مع الأشقاء والحلفاء الذي يعمل بصدق وإخلاص والذي يجب عليهم مساندته ودعمه بقوة في استكمال استعادة وبناء مؤسسات دولة الجنوب العربي التي تعتبر رافدًا قويًا للأمن والاستقرار في المنطقة العربية والعالم.



شارك برأيك