آخر تحديث :السبت 20 ابريل 2024 - الساعة:10:23:32
صحف عربية: فرصة أخيرة لترميم لبنان
(الامناء/وكالات:)

سبق للحكومات اللبنانية المتعاقبة قطع تعهدات للرياض وعدم الإيفاء بها، إذ دأب الساسة اللبنانيون النظر إلى المملكة على أنها مورد مالي كلما اشتدت أزماتهم، وهو ما لم يعد يتماشى مع السياسات الجديدة للرياض، وتفتح عودة السفير السعودي إلى لبنان الباب أمام مرحلة جديدة تنتظر منها الرياض أفعالاً لا أقوالاً من الجانب اللبناني.
وبحسب صحف عربية صادرة، اليوم السبت، تعتبر عودة العلاقات السعودية الخليجية مع لبنان اختباراً لنوايا الحكومة اللبنانية التي تعهدت بإزالة كل "المنغصات" التي أدت إلى تأزم العلاقات، فيما يرى مراقبون في عودة السفير السعودي إلى بيروت بداية لمرحلة جديدة لبناء الثقة.
توجهات جديدة
تحدثت صحيفة "العرب" اللندنية عن أن الانفتاح السعودي يمهد لأرضية جديدة في لبنان، إلا أنّ وضوح الصورة بشكل أكبر يتطلب الانتظار بعض الوقت، لمعرفة معالم التوجهات الجديدة للمملكة التي غادرت انكفاءها مؤخراً، عبر تقديم الدعم الإنساني للجهات غير الحكومية اللبنانية.
وقالت مصادر لبنانية إن عودة الدعم السعودي إلى البنان، وحتى إن اقتصر حالياً على البعد الإنساني، يحمل إشارات إيجابية يجب البناء عليها من أجل أن تعود الرياض للعب دورها المعتاد والتاريخي في إنقاذ البلاد من شبح إفلاس بات يتهددها.
ونبهت الصحيفة إلى أن البيان السعودي شدد على "أهمية عودة جمهورية لبنان إلى عمقها العربي". ليرد ميقاتي في تغريدة على تويتر رحب فيها بالخطوة، قائلاً إن "لبنان يفخر بانتمائه العربي ويتمسك بأفضل العلاقات مع دول الخليج"، واصفاً إياها بأنها "كانت وستبقى السند والعضد".
ترحيب واسع
من جانبها أشارت صحيفة "عكاظ" إلى أن القرار السعودي بعودة سفير خادم الحرمين الشريفين إلى لبنان قوبل بترحيب واسع في الأوساط اللبنانية في إشارة إلى أن قرار العودة الخليجية العربية يؤسس لمرحلة جديدة من الأمل والثقة بمستقبل لبنان العربي الهوية والانتماء مع تأكيد الرياض على أن قرارها جاء استجابةً لنداءات ومناشدات القوى السياسية الوطنية المعتدلة في لبنان، وتأكيداً لما ذكره رئيس الوزراء اللبناني من التزام الحكومة اللبنانية باتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التعاون مع المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي ووقف كل الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية التي تمس المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي.
وأكد محللون أن الدور السعودي في المنطقة بإمكانه إنقاذ لبنان والشعب اللبناني من السيطرة الإيرانية على مقدراته وقراراته التي أوصلت لبنان لما هو عليه الآن. وأكدت مصادر أن الرياض ستستمر في تقييم التزامات الحكومة اللبنانية ولن تتهاون في التعامل مع أي تجاوز أو إشارة سلبية. وأشارت إلى أن عودة السفير إلى بيروت لا تعني أكثر من ذلك، إذ إن منع استيراد المنتجات الزراعية مستمر، ومنع السفر إلى لبنان لا يزال قائماً.
تطورات متسارعة
وذكرت صحيفة "النهار" اللبنانية أن التطورات المتسارعة في المنطقة تنعكس على وقع الحرب الروسية الأوكرانية، وعلى الوضع اللبناني عموماً مشيرة إلى أن الخطوة الخليجية التي تمثلت بعودة العلاقات الدبلوماسية مع لبنان من خلال السفراء، تتزامن مع تقدم المفاوضات حول التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، على الرغم من الملاحظات الخليجية، وتحديداً السعودية حوله. لكن الأهم هو التقدم الذي يحدث على الساحة اليمنية، ويعكس احتمالات تقدم المحادثات مع الإيرانيين حول تسوية جديدة، سبقتها خطوات على مستوى السلطة في اليمن، تمثلت بإعلان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إعفاء نائب رئيس الجمهورية علي محسن الأحمر من مهماته، وتشكيل مجلس قيادة رئاسي. وكان لافتاً استقبال السعودية المجلس الجديد واستعدادها لمساعدته والتشجيع على التفاوض لإيجاد حل للأزمة اليمنية.
ونبهت الصحيفة إلى أنه لا يزال من المبكر وضع التصورات النهائية لتسويات في المنطقة، ومنها لبنان الغارق في أزمة سياسية واقتصادية وهو ساحة مفتوحة ومشرعة للتدخلات، فيما تعتبره إيران ساحة لا يمكن التنازل عنها، إلا أن التطورات تشي بأن هناك ما يُطبخ على المستويين العربي والدولي، لإعادة ضبط الساحة اللبنانية، وأقله عدم تركها للفوضى وللسيطرة الإيرانية، خصوصاً مع قرب توقيع الاتفاق النووي.
وأشارت الصحيفة إلى أن "الاهتمام العربي والدولي المتجدد بلبنان"، يركز على الاستحقاقات المقبلة، فالعودة الخليجية مثلاً المنسقة مع الفرنسيين، خصوصاً من السعودية، وهو ما أصبح معلناً، لا تعني مواجهة مباشرة مع الإيرانيين، وإن كانت تعيد بعض التوازن من دون أن تغير في الواقع اللبناني والهيمنة المعقودة لـ"حزب الله"، إذ كان لافتاً أن عودة سفيري السعودية والكويت إلى بيروت تشير إلى توجه جديد يحمل أبعاداً سياسية تنطلق من عدم ترك لبنان للفوضى ولهيمنة إقليمية تفرض ما تريد على مستوى ترتيب أوضاع المنطقة. فإذا كانت الأمور ستتقدم في اليمن، فلا بد من استعادة التوازن في الساحة اللبنانية، علماً أن بيان السعودية عن عودة سفيرها أشارت إلى التزام لبنان ببنود المبادرة مع تراجع الحملات والمواقف المسيئة لدول الخليج وإعلان الحكومة عن التزامها بأفضل العلاقات وانتماء لبنان العربي.
حلقات مفرغة
من جانبها تناولت صحيفة "الشرق الأوسط" معاناة الشعب اللبناني المعيشية اليومية القاسية وحالة الإحباط واليأس والحزن التي ألمّت به، وبين أخبار الانتخابات والاستحقاقات القادمة، وقصة الثلث الضامن والثلث المعطل في الحكومة، وأفلام الرعب لحزب الله حول منع وتقييد سلاحه وخطابات التهديد والترويع والترهيب، وكيف يدور لبنان في حلقة مفرغة، حيث لا أمل في الخروج من هذا النفق المظلم الذي ازداد طولاً وعمقاً مع هيمنة حزب الله على كل شيء، علاوة على تدخلات إيران ومس السيادة اللبنانية ومصادرة قرارها السياسي.
وبينت الصحيفة أن المطالب والأمنيات التي ذكرها البيان السعودي جاءت لتكشف ومن دون مواربة توجهات السعودية الصادقة والجادة تجاه الشعب اللبناني، حيث أكدت "أهمية عودة جمهورية لبنان إلى عمقها العربي متمثلة بمؤسساتها وأجهزتها الوطنية، وأن يعم لبنان الأمن والسلام، وأن يحظى شعبها بالاستقرار والأمان في وطنه".
وذكرت الصحيفة بأن أزمة لبنان تعيدنا للمربع الأول وهو أن لبنان بحاجة إلى أشقائه العرب الذين هم معنيون ببناء سياسة عربية فاعلة إزاء القضايا المطروحة في المنطقة، بحيث لا تستطيع أي جهة غير عربية أن تملأ الفراغ بالنيابة، فالفراغ لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة للخلل الراهن من اختلال توازن القوى في المنطقة، ناهيك عن الخلافات والانقسامات وحالة التشظي ما بين العرب، وهي عوامل مغرية بالتأكيد لإيران التي لا تتردد في استغلالها لصالحها.



شارك برأيك