آخر تحديث :الاثنين 25 اغسطس 2025 - الساعة:14:49:51
الفيدرالي على مفترق طرق.. ما الذي تعكسه تصريحات جيروم باول؟
(الامناء نت / متابعات)

يتصاعد الترقب في الأوساط الاقتصادية العالمية مع اقتراب اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، حيث تتجه الأنظار إلى ما إذا كان البنك المركزي سيمضي قدماً نحو خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل.
وفي ظل تزايد المخاطر التي تهدد سوق العمل من جانب، واستمرار الضغوط التضخمية من جانب آخر، يجد الفيدرالي نفسه أمام معادلة معقدة تفرض عليه موازنة دقيقة بين تحفيز النمو والحفاظ على استقرار الأسعار.

تثير إشارات رئيس الفيدرالي جيروم باول الأخيرة في ندوة جاكسون هول حالة من الترقب في الأسواق، بعدما ألمح بحذر إلى احتمال خفض الفائدة، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن المسار لن يكون اندفاعياً أو سريعاً، وهي التصريحات التي أعطت انطباعاً بأن صانعي السياسة النقدية يتهيأون لمرحلة جديدة تتجاوز اجتماع سبتمبر، مع تساؤلات متزايدة حول خطوات محتملة في أكتوبر وديسمبر.


تصريحات باول
في هذا السياق، يشير تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إلى أن:

رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ألمح بحذر إلى احتمال خفض سعر الفائدة الشهر المقبل، لكنه وجّه رسالة خفية إلى من يتوقعون تخفيفاً حاداً: "لا تتوقعوا اندفاعة سريعة".

النقاش بين المصرفيين المركزيين بولاية وايومنغ خلال ندوة جاكسون هول، يوحي بأن التركيز بات يتجاوز اجتماع سبتمبر، ليتجه نحو التساؤل عمّا إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيفكر في خفض إضافي خلال اجتماعيه الأخيرين هذا العام، في أكتوبر وديسمبر.

نبرة باول الحذرة عكست العوامل الاقتصادية المعقدة التي يتعامل معها الفيدرالي: سوق عمل وصفها بأنها تُظهر مؤشرات "غريبة" على الضعف رغم انخفاض معدل البطالة، وارتفاعات في الأسعار مدفوعة بالرسوم الجمركية بدأت لتوها في التسلل عبر الاقتصاد.

يبدو أن موقف باول شكّل أول محاولة علنية له هذا العام لتوحيد الرؤية بين زملائه المنقسمين حول الخطوة التالية؛ فبينما يرغب بعضهم في خفض أكثر جرأة، يتساءل آخرون عمّا إذا كان ينبغي خفض الفائدة أساساً في ظل اتجاه التضخم نحو مستوى 3 بالمئة، بعيداً عن الهدف البالغ 2 بالمئة.

حذر
يقول الرئيس التنفيذي لشركة V I Markets، طلال العجمي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن:

جيروم باول مهّد الطريق أمام خفض الفائدة في سبتمبر، لكنه كان حذراً في نبرته.

باول أشار إلى المخاطر التي تهدد سوق العمل التي تظهر مؤشرات غريبة.. وفي حين ما زال التضخم يشكل مصدر قلق للفيدرالي أيضاً.

الأسواق تفاعلت بشكل فوري مع هذه الإشارات؛ فقد قفزت الأسهم الأميركية إلى مستويات قياسية، بينما هبطت عوائد السندات وتراجع الدولار.

كان تقرير الوظائف الضعيف لشهر يوليو، والذي أظهر تباطؤًا حادًا في نمو التوظيف هذا الصيف، قد دفع بالفعل العديد من البنوك والمستثمرين في وول ستريت إلى توقع خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر من شهر سبتمبر.

يؤكد العجمي أن "أي خفض للفائدة سيخفف كلفة الاقتراض ويدعم الاستهلاك والاستثمار، لكن في المقابل يظل التحدي في إبقاء التضخم تحت السيطرة"، منبهاً إلى أن الفيدرالي اليوم يسير على خيط رفيع بين تحفيز النمو الاقتصادي وتجنب إشعال الأسعار.

ويرى الرئيس التنفيذي لشركة V I Markets أن القرار النهائي للفيدرالي أصبح مرهوناً ببيانات التوظيف المنتظرة في سبتمبر، والتي ستحدد بشكل كبير اتجاه السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة.

مخاطر
ونقل تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، عن رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأميركية لدى تي دي سيكيوريتيز، غينادي غولدبرج، قوله: "فتح باول الباب أمام خفض أسعار الفائدة في سبتمبر بتصريحاته، مؤكدا على المخاطر السلبية على التوظيف والمخاطر التي يمكن احتواؤها نسبيا للتضخم".

كما عبرت كبيرة مسؤولي الاستثمار في الولايات المتحدة للدخل الثابت العالمي لدى جي بي مورغان لإدارة الأصول، كاي هير، عن نفس الرأي قائلة: "يبدو أن باول أكثر قلقا بشأن جانب سوق العمل من التفويض المزدوج من قلقه بشأن التضخم".

ومع ذلك، ظل بعض كبار المسؤولين في بنك الاحتياطي الفيدرالي قلقين من أنه في حين لم تظهر أسعار المستهلك تأثيراً كبيراً بعد من الرسوم الجمركية، فإنها قد ترتفع في الأشهر المقبلة.

ورغم اعتراف باول بأن تأثيرات الحرب التجارية التي تشنها الإدارة على أسعار المستهلك أصبحت الآن "واضحة للعيان"، فقد أشار إلى أنه من غير المرجح أن يستمر تأثيرها، بل سيثبت بدلا من ذلك أنه مجرد صدمة لمرة واحدة يمكن للبنك المركزي أن يتجاهلها.

تحول واضح
بدوره، يشير رئيس قسم الأسواق المالية في شركة FXPro، ميشال صليبي، لدى حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي التي مهد فيها لاحتمال خفض أسعار الفائدة في سبتمبر، تعكس تحولاً في أولويات الفيدرالي، بحيث أصبح أكثر قلقاً من تباطؤ النمو وضعف سوق العمل مقارنة بمخاطر التضخم.

ويضيف: "هذا التوجه يمثل انتقالاً تدريجياً من سياسة نقدية متشددة إلى سياسة أكثر تيسيراً ولكن بحذر، وهو ما قد يخفف من كلفة الاقتراض على الشركات ويدعم الاستهلاك والاستثمار، إلا أنه في الوقت نفسه يعكس هشاشة النشاط الاقتصادي وازدياد الضغوط على سوق العمل".

وفيما يتعلق بمدى تأثر الأسواق، يستطرد صليبي:

الأسواق المالية عادةً ما ترحب بخفض الفائدة، وهو ما ظهر جلياً في الارتفاعات القوية لمؤشرات الأسهم الأميركية .

كما أن هذا التوجه قد يكون إيجابياً للشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة من خلال تعزيز التقييمات وزيادة السيولة.

لكن أي مؤشرات على ركود اقتصادي في الفترة المقبلة قد تحد من هذه المكاسب.

وقادت الأسهم الصناعية، التي تميل إلى الصعود جنباً إلى جنب مع الآمال في اقتصاد أقوى، مكاسب مؤشر ستاندرد آند بورز 500 يوم الجمعة، مما يؤكد رد الفعل المتفائل للتوقعات المتزايدة بخفض أسعار الفائدة.

ارتفعت أسهم السلع الاستهلاكية التقديرية بنسبة 3.1 بالمئة، بينما ارتفعت أسهم الشركات الصناعية بنسبة 2.2 بالمئة. وارتفعت أسهم الشركات الصغيرة، التي تُعتبر أيضاً مؤشراً للاقتصاد وأكثر حساسية لتقلبات أسعار الفائدة من نظيراتها الأكبر، بشكل كبير، حيث ارتفع مؤشر راسل 2000 بنحو 4 بالمئة.

ويوضح رئيس قسم الأسواق المالية في شركة FXPro أن تحركات الفيدرالي ليست فقط نتيجة تباطؤ التضخم -الذي ما زال عند مستويات مرتفعة في بعض القطاعات - بل نتيجة التراجع الملحوظ في بيانات التوظيف خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يثير مخاوف إضافية لدى الأسواق، وقد ينعكس سلباً على الأسهم إذا استمر ضعف سوق العمل.

بالنسبة إلى سوق العملات، فيرجّح صليبي أن يؤدي أي خفض للفائدة إلى الضغط سلباً على الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسية مثل اليورو والين، في حين تستفيد الأصول الآمنة مثل الذهب والفضة من ضعف الدولار وتراجع العوائد الحقيقية، لتصبح الملاذ المفضل للمستثمرين في هذه المرحلة.

ويختتم حديثه قائلاً: "الأسواق قد تستفيد على المدى القصير من إشارات الفيدرالي، لكن على المدى المتوسط ستبقى رهينة لمسار بيانات النمو والتضخم والتوظيف في الأشهر المقبلة."

 


#
#

شارك برأيك